لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الراء]

صفحة 351 - الجزء 5

  وزن الشِّعْر، ويسمى قائله راجزاً كما يسمى قائل بحور الشِّعْر شاعراً.

  قال الحربي: ولم يبلغني أَنه جرى على لسان النبي، ، من ضروب الرَّجَز إلا ضربان: المَنْهُوك والمَشْطُور، ولم يَعُدَّهما الخليل شِعْراً، فالمَنْهُوك كقوله في رواية البراء إِنه رأَى النبي، ، على بغلة بيضاء يقول: أَنا النبيّ لا كَذِبْ، أَنا ابن عَبْدِ المُطَّلِب.

  والمَشْطُور كقوله في رواية جُنْدب: إِنه، ، دَمِيَتْ إِصبَعُه فقال: هل أَنتِ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وفي سبيل اللَّه ما لَقِيتِ ويروى أَن العجاج أَنشد أَبا هريرة:

  ساقاً بَخَنْداةً وكَعْباً أَدْرَما

  فقال: كان النبي، ، يُعْجِبه نحو هذا من الشِّعر.

  قال الحربي: فأَما القصيدة فلم يبلغني أَنه أَنشد بيتاً تامّاً على وزنه إِنما كان ينشد الصدر أَو العَجُز، فإِن أَنشده تامّاً لم يُقِمْه على وزنه، إِنما أَنشد صدر بيت لبيد:

  أَلا كُلُّ شيْءٍ ما خَلا اللَّه باطِلُ

  وسكت عن عَجُزه وهو:

  وكلُّ نَعِيمٍ لا مَحالَةَ زَائِلُ

  وأَنشد عجز بيت طَرَفَة:

  ويأْتيك مَنْ لم تُزَوِّد بالأَخْبار

  وصَدْره:

  سَتُبْدِي لك الأَيامُ ما كنتَ جاهِلًا

  وأَنشد:

  أَتَجْعَلُ نَهْبي ونَهْبَ العُبَيْدِ ... بين الأَقْرَعِ وعُيَيْنَة

  فقال الناس: بين عُيَيْنَةَ والأَقْرَعِ، فأَعادها: بين الأَقرع وعيينة، فقام أَبو بكر، ¥، فقال: أَشهد أَنك رسول الله ثم قرأَ: وما عَلَّمناه الشِّعر وما ينبغي له، قال: والرَّجَز ليس بشِعْرٍ عند أَكثرهم.

  وقوله: أَنا ابْنُ عبد المُطَّلِب، لم يقله افتخاراً به لأَنه كان يكره الانتساب إِلى الآباء الكفار، أَلا تراه لما قال له الأَعرابي: يا ابن عبد المطلب، قال: قد أَجَبْتُك ولم يتلفظ بالإِجابة كراهة منه لما دعاه به، حيث لم يَنْسُبْه إلى ما شرفه اللَّه به من النبوّة والرسالة، ولكنه أَشار بقوله: أَنا ابن عبد المطلب، إلى رؤيا كان رآها عبدُ المطلب كانت مشهورة عندهم رأَى تصديقها فَذَكَّرهم إِياها بهذا القول.

  وفي حديث ابن مسعود، ¥: من قرأَ القرآن في أَقَلَّ من ثلاث فهو راجزٌ، إِنما سماه رَاجِزاً لأَن الرَّجَزَ أَخف على لسان المُنْشِدِ، واللسان به أَسْرَعُ من القَصيد.

  قال أَبو إِسحق.

  إِنما سمي الرَّجَز رَجَزا لأَنه تتوالى فيه في أَوَّله حركة وسكون ثم حركة وسكون إِلى أَن تنتهي أَجزاؤه، يشبه بالرَّجَز في رِجْل الناقة ورِعْدَتها، وهو أَن تتحرك وتسكن ثم تتحرك وتسكن، وقيل: سمي بذلك لاضطراب أَجزائه وتقاربها، وقيل: لأَنه صدور بلا أَعْجاز، وقال ابن جني: كل شعر تركب تركيب الرَّجَز سمي رَجَزاً، وقال الأَخفش مرة: الرَّجَز عند العرب كل ما كان على ثلاثة أَجزاء، وهو الذي يَتَرَنَّمون به في عملهم وسَوْقهم ويَحْدُون به، قال ابن سيده: وقد روى بعضُ من أَثِقُ به نحوَ هذا عن الخليل، قال ابن جني: لم يَحْتَفِل الأَخفش ههنا بما جاء من الرَّجَز على جزأَين نحو قوله: يا ليتني فيها جَذَع، قال: وهو لَعَمْرِي، بالإِضافة إِلى ما جاء منه على ثلاثة أَجزاء، جُزْءٌ لا قَدْرَ له لِقِلَّته، فلذلك لم يذكره الأَخفش في هذا الموضع، فإِن قلت: فإِن