لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الحاء المهملة]

صفحة 297 - الجزء 1

  والحَباحِبُ، بالفتح الصِّغار، الواحد حَبْحابٌ.

  قال حبيب بن عبد اللَّه الهُذَلي، وهو الأَعلم:

  دَلَجِي، إذا ما اللَّيْلُ جَنَّ ... عَلى المُقَرَّنةِ الحَباحِبْ

  الجوهري: يعني بالمُقَرَّنةِ الجِبالَ التي يَدْنُو بَعضُها من بَعْضٍ.

  قال ابن بري: المُقَرّنةُ: إكامٌ صِغارٌ مُقْتَرنةٌ، ودَلَجِي فاعِل بِفِعْل ذَكَره قبل البيت:

  وبِجانِبيْ نَعْمانَ قُلْتُ: ... أَلَنْ يُبَلِّغَنِي مآرِبْ

  ودَلَجِي: فاعلُ يُبَلِّغَني.

  قالا لسكري: الحبَاحِبُ: السَّريعةُ الخَفِيفةُ، قال يصف جبالاً، كأَنها قُرِنَت لِتقارُبِها.

  ونارُ الحُباحِب: ما اقْتَدَحَ من شَرَرِ النارِ، في الهَواءِ، مِن تَصادُمِ الحجارة؛ وحَبْحَبَتُها: اتّقادُها.

  وقيل: الحُباحِبُ: ذُباب يَطِيرُ بالليل، كأَنه نارٌ، له شُعاع كالسِّراجِ.

  قال النابغة يصف السُّيُوفِ:

  تَقُدُّ السَّلُوقِيَّ المُضاعَفَ نَسْجُه ... وتُوقِدُ بالصُّفّاحِ نارَ الحُبَاحِبِ

  وفي الصحاح: ويُوقِدْنَ بالصُّفَّاح.

  والسَّلُوقِيُّ: الدِّرْعُ المَنْسوبةُ إلى سَلُوقَ، قرية باليمن.

  والصُّفَّاح: الحَجَر العَريضُ.

  وقال أَبو حنيفة: نارُ حُباحِبٍ، ونار أَبي حُباحِبٍ: الشَّررُ الذي يَسْقُط، مِن الزًّناد.

  قال النابغة:

  أَلا إنَّما نِيرانُ قَيْسٍ، إذا شَتَوْا ... لِطارِقِ لَيْلٍ، مِثْلُ نارِ الحُباحِبِ

  قال الجوهري: وربما قالوا: نارُ أَبي حُباحِبٍ، وهو ذُبابٌ يَطِيرُ بالليل، كأَنه نارٌ.

  قال الكُمَيْتُ، ووصف السيوف:

  يَرَى الرَّاؤُونَ بالشَّفَراتِ مِنْها ... كنارِ أَبي حُباحِبَ والظُّبِينا

  وإنما تَرَكَ الكُمَيْتُ صَرْفَه، لأَنه جَعَلَ حُباحِبَ اسماً لمؤَنث.

  قال أَبو حنيفة: لا يُعْرَفُ حُباحِبٌ ولا أَبو حُباحِبٍ، ولم نَسْمَع فيه عن العَرب شيئاً؛ قال: ويَزْعُمُ قَوم أَنه اليَراعُ، واليراعُ فَراشةٌ إذا طارَتْ في الليل، لم يَشُكَّ مَن لم يَعْرِفْها أَنَّها شَرَرةٌ طارتْ عن نارٍ.

  أَبو طالب: يحكى عن الأَعراب أَنَّ الحُباحِبَ طائر أَطوَلُ مِن الذُّباب، في دِقَّةٍ، يطير فيما بين المغرب والعشاء، كأَنه شَرارةٌ.

  قال الأَزهري: وهذا معروف.

  وقوله:

  يَذْرِينَ جَنْدل حائرٍ لِجُنُوبِها ... فكَأَنَّها تُذْكِي سَنابِكُها الحُبَا

  إنما أَراد الحُباحب، أَي نارَ الحُباحِبِ؛ يقول تُصِيبُ بالحَصى في جَرْيِها جُنُوبَها.

  الفرَّاءُ: يقال للخيل إذا أَوْرَتِ النارَ بِحَوافِرها: هي نارُ الحُباحِبِ؛ وقيل: كان أَبُو حُباحِبٍ مِن مُحارِبِ خَصَفَةَ، وكان بَخِيلاً، فكان لا يُوقِدُ نارَه إلَّا بالحَطَب الشَّخْتِ لئلا تُرَى؛ وقيل اسمه حُباحِبٌ، فضُرِبَ بِنارِه المَثَلُ، لأَنه كان لا يُوقِدُ إلا ناراً ضَعِيفةً، مَخَافةَ الضيِّفانِ، فقالوا: نارُ الحُباحِبِ، لِما تَقْدَحُه الخَيْلُ بحَوافِرها.

  واشْتَقَّ ابن الأَعرابي نارَ الحُباحِبِ مِن الحَبْحَبة، التي هي الضَّعْفُ.

  ورُبَّما جَعَلُوا الحُباحِبَ اسماً لتلك النَّارِ.

  قال الكُسَعِي:

  ما بالُ سَهْمي يُوقِدُ الحُباحِبا؟ ... قدْ كُنْتُ أَرْجُو أَن يكونَ صائبا