لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الحاء المهملة]

صفحة 312 - الجزء 1

  على حَسَب أَي لا تُلْوَى على الكِفايةِ، لعَوَزِ الماءِ وقِلَّتِه.

  ويقال: أَحْسَبَني ما أَعْطاني أَي كفاني.

  ومررت برجلٍ حَسْبِكَ من رَجلٍ أَي كافِيكَ، لا يُثَنَّى ولا يُجْمع لأَنه موضوع موضع المصدر؛ وقالوا: هذا عربي حِسْبةً، انتصب لأَنه حال وقع فيه الأَمر، كما انتصب دِنْياً، في قولك: هو ابن عَمِّي دِنْياً، كأَنك قلت: هذا عرَبي اكْتِفاءً، وإن لم يُتكلم بذلك؛ وتقول: هذا رَجُل حَسْبُكَ من رَجُل، وهو مَدْحٌ للنكرة، لأَن فيه تأْويل فِعْل، كأَنه قال: مُحْسِبٌ لك أَي كافٍ لك من غيره، يستوي فيه الواحد والجمع والتثنية، لأَنه مصدر؛ وتقول في المعرفة: هذا عبدُ اللَّه حَسْبَك من رجل، فتنصب حَسْبَك على الحال، وإن أَردت الفعل في حَسْبك، قلت: مررت برجل أَحْسَبَكَ من رجل، وبرجلين أَحْسَباك، وبرِجال أَحْسَبُوكَ، ولك أَن تتكلم بحَسْبُ مُفردةً، تقول: رأَيت زيداً حَسْبُ يا فتَى، كأَنك قلت: حَسْبِي أَو حَسْبُكَ، فأَضمرت هذا فلذلك لم تنوِّن، لأَنك أَردت الإِضافة، كما تقول: جاءَني زيد ليس غير، تريد ليس غيره عندي.

  وأَحْسَبَني الشيءُ: كفاني؛ قالت امرأَة من بني قشير:

  ونُقْفِي وَليدَ الحَيِّ، إن كان جائعاً ... ونُحْسِبُه، إنْ كانَ لَيْسَ بِجائعِ

  أَي نُعْطِيه حتى يقول حَسْبي.

  وقولها: نُقْفِيه أَي نُؤْثِرُه بالقَفِيَّة، ويقال لها القَفاوةُ أَيضاً، وهي ما يُؤْثَر به الضَّيفُ والصَّبِيُّ.

  وتقول: أَعْطَى فأَحْسَبَ أَي أَكثَر حتى قال حَسْبِي.

  أَبو زيد: أَحْسَبْتُ الرَّجلَ: أَعْطَيْتُه ما يَرْضَى؛ وقال غيره: حتى قال حَسْبي؛ وقال ثعلب: أَحْسَبَه من كلِّ شيءٍ: أَعْطاه حَسْبَه، وما كفاه.

  وقال الفرَّاءُ في قوله تعالى: يا أَيها النَّبيُّ حَسْبُكَ اللَّه ومَنِ اتَّبَعَكَ من المؤْمنين؛ جاءَ التفسير يَكْفِيكَ اللَّه، ويَكْفِي مَن اتَّبَعَكَ؛ قال: وموضِعُ الكاف في حَسْبُكَ وموضع من نَصْب على التفسير كما قال الشاعر:

  إذا كانَتِ الهَيْجاءُ، وانْشَقَّتِ العَصا ... فَحَسْبُكَ والضَّحَّاكَ سَيْفٌ مُهَنَّد

  قال أَبو العباس: معنى الآية يَكْفيكَ اللَّه ويَكْفِي مَنِ اتَّبَعَكَ؛ وقيل في قوله: ومن اتَّبَعَكَ من المؤْمنين، قولان: أَحدهما حَسْبُكَ اللَّه ومَنِ اتَّبَعَكَ من المؤْمنين كفايةٌ إذا نَصَرَهم اللَّه، والثاني حَسبُكَ اللَّه وحَسْبُ من اتَّبَعَكَ من المؤْمنين، أَي يَكفِيكُم اللَّه جَميعاً.

  وقال أَبو إِسحق في قوله، ø: وكَفَى باللَّه حَسِيباً: يكون بمعنى مُحاسِباً، ويكون بمعنى كافِياً؛ وقال في قوله تعالى: إن اللَّه كان على كل شيءٍ حَسِيباً؛ أَي يُعْطِي كلَّ شيءٍ من العِلم والحِفْظ والجَزاءِ مِقْدارَ ما يُحْسِبُه أَي يَكْفِيه.

  تقول: حَسْبُكَ هذا أَي اكْتَفِ بهذا.

  وفي حديث عبد اللَّه بن عَمْرو، ®، قال له النبي، : يُحْسِبُك أَن تَصُومَ من كل شهر ثلاثة أَيام أَي يَكْفِيكَ؛ قال ابن الأَثير: ولو روي بحَسْبِكَ أَن تَصُومَ أَي كِفايَتُك أَو كافِيكَ، كقولهم بِحَسْبِكَ قولُ السُّوءِ، والباءُ زائدة، لكانَ وَجْهاً.