لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الحاء المهملة]

صفحة 283 - الجزء 6

  عليه السنة تغَيَّر لونُه واسْودَّ بعد صُفرتِه، واحْتَوَتْه النَّعَم والخَيل إِلا أَن تُمْحِلَ السنة ولا تُنْبِتَ البقلَ، وإِذا بدا القومُ في آخر الخَريف قبل وقوع ربيع بالأَرض فَظَعَنُوا مُنْتحِعين لم ينزلوا بلداً إِلا ما فيه خَلًى، فإِذا وقع ربيع بالأَرض وأَبْقَلَت الرّياضُ أَغْنَتْهم عن الخلي والصِّلَّيان.

  وقال ابن شميل: البقْلُ أَجْمَع رَطْباً ويابساً حشيشٌ وعلَفٌ وخَلًى.

  ويقال: هذه لُمْعَة قد أَحَشَّت أَي أَمكنت لأَنْ تُخَشَّ، وذلك إِذا يَبِست، واللُّمْعة من الخَلى، وهو المَوْضع الذي يكثر فيه الحلى، ولا يقال له لُمْعة حتى يصفَرَّ أَو يَبْيَضَّ؛ قال الأَزهري: وهذا كلام كله عربي صحيح.

  والمَحَشّ والمَحَشَّة: الأَرض الكثيرة الحَشِيش.

  وهذا مَحَشُّ صِدْقٍ: لِلْبَلَد الذي يَكثُر فيه الحشيش.

  وفلان بمَحَشِّ صِدْقٍ أَي بموضع كثير الحشيش، وقد يقال ذلك لمن أَصاب أَيَّ خَيرٍ كان مَثَلاً به؛ يقال: إِنَّك بمَحَشّ صِدْق فلا تبْرحْه أَي بموضع كثير الخير.

  وحَشّ الحَشِيشَ يَحُشُّه حشّاً واحْتَشَّه، كِلاهما: جَمَعَه.

  وحَشَشْت الحشيش: قطعْتُه، واحْتَشَشْتُه طلَبْتُه وجَمَعْته.

  وفي الحديث: أَنَّ رجُلاً من أَسْلَمَ كان في غُنَيْمة له يَحُشُّ عَلَيها، وقالوا: إِنما هو يَهُشُّ، بالهاء، أَي يَضْرب أَغْصانَ الشجَر حتى يَنْتَثِرَ ورَقُها من قوله تعالى: وأَهُشُّ بها على غَنمي، وقيل: إِنَّ يَحُشّ ويَهُشّ بمعنًى، وهو مَحْمول على ظاهره من الحَشِّ قَطْعِ الحَشِيش.

  يقال: حشّه واحْتَشَّه وحَشَّ على دابَتِه إذا قَطَع لها الحشيش.

  وفي حديث عُمَر، ¥: أَنه رَأَى رجُلاً يحْتَشّ في الحَرَم فَزَبَرَه؛ قال ابن الأَثير: أَي يأْخُذ الحشيش وهو اليابس من الكَلإِ.

  والحُشّاش: الذين يَحْتَشُّون.

  والمِحَشّ والمَحَشّ: منجل ساذَجٌ يُحَشُّ به الحشيش، والفتح أَجود، وهُما أَيضاً الشيء الذي يُجْعل فيه الحشيش.

  وقال أَبو عبيد: المِحَشّ ما حُشّ به، والمَحَشّ الذي يُجْعل فيه الحشيش، وقد تُكْسر ميمُه أَيضاً.

  والحِشَاش خاصّة: ما يوضع فيه الحشيش، وجمْعُه أَحِشَّة.

  وفي حديث أَبي السَّلِيل: قال جاءت ابْنةُ أَبي ذَرّ عليها مِحَشّ صُوفٍ أَي كساءٌ خَشن خَلَقٌ، وهو من المِحَش والمَحَش، بالفتح والكسر، والكِساء الذي يوضع فيه الحَشِيش.

  وحَشَشْت فَرَسي: أَلْقَيْتُ له حَشِيشاً.

  وحَشّ الدابة يحُشّها حشّاً: علَفَها الحشيشَ.

  قال الأَزهري: وسمعت العرب تقول للرجل: حُشَّ فَرَسَك.

  وفي المثل⁣(⁣١): أَحُشُّكَ وتَرُوثُني، يَعْني فرسَه، يُضْرَبُ مثَلاً لكلّ من اصطُنِع عنده معروفُ فكافَأَه بضِدِّه أَوْ لَمْ يَشْكُرْه ولا نَفَعه.

  وقال الأَزهري: يُضْرب مثَلاً لمن يُسِيء إِليك وأَنت تُحْسن إِليه.

  قال الجوهري: ولَوْ قيل بالسين لم يَبْعُدْ، ومعنى أَحُشّك أَفَأَحُشّ لك، ويكون أَحُشُّك أَعْلِفُك الحشيش، وأَحَشَّه: أَعانَه على جَمْع الحشيش.

  وحَشَّت اليَدُ وأَحَشَّت وهي مُحِشّ: يَبِسَت، وأَكثر ذلك في الشَّلَلِ.

  وحُكِي عن يونس: حُشّت، على صِيغة ما لم يُسمَّ فاعلُه، وأَحَشَّها اللَّه.

  الأَزهري: حَشَّت يدُه تحِش إِذا دقَّت وصغُرت، واستحَشَّت مثله.

  وحَشَّ الولَدُ في بطْن أُمِّه


(١) قوله [وفي المثل الخ] في شرح القاموس: ثم إِن لفظ المثل هكذا هو في الصحاح والتهذيب والأَساس والمحكم، ورأيت في هامش الصحاح ما نصه: والذي قرأته بخط عبد السلام البصري في كتاب الأَمثال لأَبي زيد: أَحشك وتروثين، وقد صحح عليه.