لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الحاء المهملة]

صفحة 338 - الجزء 1

  أَتتْنِي، فعاذَتْ ذاتُ شَكْوَى بغالِبٍ ... وبالحرَّةِ، السَّافِي عليه تُرابُها

  فقُلْتُ لَها: إيه؛ اطْلُبِي كُلَّ حاجةٍ ... لَدَيَّ، فخَفَّتْ حاجةٌ وطِلَابُها

  فقالَتْ بِحُزْنٍ: حاجَتِي أَنَّ واحِدِي ... خُنَيْساً، بأَرْضِ السِّنْدِ، خَوَّى سَحابُها

  فَهَبْ لِي خُنَيْساً، واحْتَسِبْ فِيه مِنَّةً ... لِحَوْبَةِ أُمٍّ، ما يَسُوغُ شَرابُهَا

  تَمِيمَ بنَ زَيْدٍ، لا تَكُونَنَّ حاجَتِي ... بِظَهْرٍ، ولا يَعيا، عَلَيْكَ، جَوابُها

  ولا تَقْلِبَنْ، ظَهْراً لِبَطْنٍ، صَحِيفَتِي ... فَشَاهِدُهَا، فِيها، عَلَيْكَ كِتابُها

  فلما ورد الكِتابُ على تَميمٍ، قال لكاتبه: أَتَعْرِفُ الرَّجُلَ؟ فقال: كَيفَ أَعْرِفُ مَنْ لَمْ يُنْسَبْ إلى أبٍ ولا قَبِيلَةٍ، ولا تحَقَّقْت اسْمَه أَهُو خُنَيْسٌ أَو حُبَيْشٌ؟ فقال: أَحْضِرْ كلّ مَن اسْمُه خُنَيْسٌ أَو حُبَيْشٌ؛ فأَحْضَرَهم، فوجَدَ عِدَّتَهُم أَرْبَعِين رجُلاً، فأَعْطَى كلَّ واحِدٍ منهُم ما يَتَسَفَّرُ به، وقال: اقْفُلُوا إلى حَضْرة أَبي فِراسٍ.

  والحَوْبَة والحِيبَة: الهَمُّ والحاجَة؛ قال أَبو كَبِير الهُذلي:

  ثُمَّ انْصَرَفْتُ، ولا أَبُثُّكَ حِيبَتِي ... رَعِشَ البَنانِ، أَطِيشُ، مَشْيَ الأَصْورِ

  وفي الدعاءِ على الإِنْسانِ: أَلْحَقَ اللَّه به الحَوْبَة أَي الحاجَةَ والمَسْكَنَة والفَقْرَ.

  والحَوْبُ: الجَهْدُ والحاجَة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

  وصُفَّاحَة مِثْل الفَنِيقِ، مَنَحْتها ... عِيالَ ابنِ حَوْبٍ، جَنَّبَتعه أَقارِبُه

  وقال مرَّة: ابنُ حَوْبِ رجلٌ مَجْهودٌ مُحْتاجُ، لا يَعْنِي في كلِّ ذلك رجُلاً بعَيْنِه، إنما يريدُ هذا النوعَ.

  ابن الأَعرابي: الحُوبُ: الغَمُّ والهَمُّ والبَلاءُ.

  ويقال: هَؤُلاءِ عيالُ ابنِ حَوْبٍ.

  قال: والحَوْبُ: الجَهْدُ والشِّدَّة.

  الأَزهري: والحُوبُ: الهَلاكُ؛ وقال الهذلي⁣(⁣١):

  وكُلُّ حِصْنٍ، وإنْ طَالَتْ سَلامَتُه ... يَوماً، ستُدْرِكُه النَّكْراءُ والحُوبُ

  أَي يَهْلِكُ.

  والحَوْبُ والحُوبُ: الحُزنُ؛ وقيل: الوَحْشة؛ قال الشاعر:

  إنَّ طَريقَ مِثْقَبٍ لَحُوبُ

  أَي وَعْثٌ صَعْبٌ.

  وقيل في قول أَبي دُوَاد الإِيادي:

  يوماً سَتُدْرِكه النَّكْراءُ والحُوبُ

  أَي الوَحْشَة؛ وبه فسر الهَرَوِيُّ قوله، ، لأَبي أَيُّوب الأَنصاري، وقد ذهب إلى طَلاق أُمِّ أَيُّوبَ: إنَّ طَلاقَ أُمِّ أَيُّوبَ لَحُوبٌ.

  التفسير عن شمر، قال ابن الأَثير: أَي لَوَحْشَة أَو إثْمٌ.

  وإنما أَثَّمه بطلاقِها لأَنَّها كانت مُصْلِحةً له في دِينِه.

  والحَوْبُ: الوجع.

  والتَّحَوُّبُ: التَّوَجُّعُ، والشَّكْوَى، والتَّحَزُّنُ.

  ويقال: فلان يَتَحَوَّب من كذا أَي يَتَغَيَّظُ منه، ويَتَوَجَّعُ.

  وحَوْبَةُ الأُمِّ عَلى وَلَدِها وتَحَوُّبُها: رِقَّتُها وتَوَجُّعُها.

  وفيه: ما زَالَ صَفْوانُ يَتَحَوَّبُ رِحَالَنَا مُنْذ


(١) قوله [وقال الهذلي الخ] سيأتي أنه لأبي دواد الايادي وفي شرح القاموس أن فيه خلافاً.