لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل السين المهملة]

صفحة 318 - الجزء 7

  ولقد تسَقَّطَني الوُشاةُ فصادَفُوا ... حَجِئاً بِسِرِّكِ، يا أُمَيْمَ، ضَنِينا⁣(⁣١)

  والسَّقْطةُ: العَثْرةُ والزَّلَّةُ، وكذلك السِّقاطُ؛ قال سويد بن أَبي كاهل:

  كيفَ يَرْجُون سِقاطِي، بَعْدَما ... جَلَّلَ الرأْسَ مَشِيبٌ وصَلَعْ؟

  قال ابن بري: ومثله ليزيد بن الجَهْم الهِلالي:

  رجَوْتِ سِقاطِي واعْتِلالي ونَبْوَتي ... وراءَكِ عَنِّي طالِقاً، وارْحَلي غَدا

  وفي حديث عمر، ¥: كُتب إِليه أَبيات في صحيفة منها:

  يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدةُ من سُلَيْمٍ ... مُعِيداً، يَبْتَغي سَقَطَ العَذارى

  أَي عثَراتِها وزَلَّاتِها.

  والعَذارى: جمع عَذْراء.

  ويقال: فلان قليل العِثار، ومثله قليل السِّقاطِ، وإِذا لم يَلْحق الإِنسانُ مَلْحَقَ الكِرام يقال: ساقِطٌ، وأَنشد بيت سويد بن أَبي كاهل.

  وأَسقط فلان من الحساب إِذا أَلقى.

  وقد سقَط من يدي وسُقِطَ في يَدِ الرجل: زَلَّ وأَخْطأَ، وقيل: نَدِمَ.

  قال الزجّاجُ: يقال للرجل النادم على ما فعل الحَسِر على ما فرَطَ منه: قد سُقِط في يده وأُسْقِط.

  وقال أَبو عمرو: لا يقال أُسقط، بالأَلف، على ما لم يسمّ فاعله.

  وفي التنزيل العزيز: ولَمّا سُقِط في أَيديهم؛ قال الفارسي: ضرَبوا بأَكُفِّهم على أَكفهم من النَّدَم، فإِن صح ذلك فهو إِذاً من السقوط، وقد قرئ: سقَط في أَيديهم، كأَنه أَضمر الندم أَي سقَط الندمُ في أَيديهم كما تقول لمن يحصل على شيء وإِن كان مما لا يكون في اليد: قد حَصل في يده من هذا مكروه، فشبّه ما يحصُل في القلب وفي النفْس بما يحصل في اليد ويُرى بالعين.

  الفراء في قوله تعالى ولما سُقط في أَيْديهم: يقال سُقط في يده وأُسقط من الندامة، وسُقط أَكثر وأَجود.

  وخُبِّر فلان خَبراً فسُقط في يده وأُسقط.

  قال الزجاج: يقال للرجل النادم على ما فعل الحسِرِ على ما فرَط منه: قد سُقط في يده وأُسقط.

  قال أَبو منصور: وإِنما حَسَّنَ قولهم سُقط في يده، بضم السين، غير مسمًى فاعله الصفةُ التي هي في يده؛ قال: ومثله قول امرئ القيس:

  فدَعْ عنكَ نَهْباً صيحَ في حَجَراتِه ... ولكنْ حَدِيثاً، ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ؟

  أَي صاح المُنْتَهِبُ في حَجَراتِه، وكذلك المراد سقَط الندمُ في يده؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

  ويوْمٍ تَساقَطُ لَذَّاتُه ... كنَجْم الثُّرَيّا وأَمْطارِها

  أَي تأْتي لذاته شيئاً بهد شيء، أَراد أَنه كثير اللذات:

  وخَرْقٍ تحَدَّث غِيطانُه ... حَديثَ العَذارَى بأَسْرارِها

  أَرادَ أَن بها أَصوات الجنّ.

  وأَما قوله تعالى: وهُزِّي إِليكِ بجِذْعِ النخلةِ يَسّاقَطْ، وقرئ: تَساقَطْ وتَسّاقَطْ، فمن قرأَه بالياء فهو الجِذْعُ، ومن قرأَه بالتاء فهي النخلةُ، وانتصابُ قوله رُطَباً جَنِيّاً على التمييز المحوَّل، أَرادَ يَسّاقطْ رُطَبُ الجِذْع، فلما حوّل الفعل إِلى الجذع خرج الرطبُ مفسِّراً؛


(١) قوله [حجئاً] أَي خليقاً، وفي الأَساس والصحاح وديوان جرير: حصراً، وهو الكتوم للسر.