لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الغين المعجمة]

صفحة 360 - الجزء 7

  وكذلك قوله تعالى: أَم يَحْسُدون الناس على ما آتاهم اللَّه من فضله؛ وقد قدّمنا تفسير الحسد مُشعبَاً.

  وفي الحديث: على مَنابِرَ من نور يَغْبِطُهم أَهلُ الجمْع؛ ومنه الحديث أَيضاً: يأْتي على الناسِ زمان يُغْبَطُ الرجلُ بالوَحْدةِ كما يُغْبَطُ اليوم أَبو العَشرة، يعني كان الأَئمة في صدْر الإِسلام يَرْزُقون عِيال المسلمين وذَرارِيَّهم من بيتِ المال، فكان أَبو العَشرة مَغْبُوطاً بكثرة ما يصل إِليهم من أَرزاقهم، ثم يَجيء بعدَهم أَئمة يَقْطَعون ذلك عنهم فَيُغْبَطُ الرجلُ بالوحْدةِ لِخِفّة المَؤُونةِ، ويُرْثَى لصاحبِ العِيال.

  وفي حديث الصلاة: أَنه جاء وهم يُصلُّون في جماعة فجعل يُغَبِّطُهم؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي بالتشديد، أَي يَحْمِلُهم على الغَبْطِ ويجعل هذا الفعل عندهم مما يُغْبَطُ عليه، وإِن روي بالتخفيف فيكون قد غَبَطَهم لتقدُّمِهم وسَبْقِهم إِلى الصلاة؛ ابن سيده: تقول منه غَبَطْتُه بما نالَ أَغْبِطُه غَبْطاً وغِبْطةً فاغْتَبَطَ، هو كقولك مَنَعْتُه فامْتنَع وحبستُه فاحتبس؛ قال حُرَيْثُ بن جَبلةَ العُذْريّ، وقيل هو لعُشِّ بن لَبِيدٍ العذري:

  وبَيْنَما المَرءُ في الأَحْياءِ مُغْتَبِطٌ ... إِذا هُو الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعاصِيرُ

  أَي هو مُغْتَبِطٌ؛ قال الجوهري: هكذا أَنْشَدَنِيه أَبو سعِيد، بكسر الباء، أَي مَغْبُوطٌ.

  ورجل غَابطٌ من قومٍ غُبَّطٍ؛ قال:

  والنَّاس بين شامِتٍ وغُبَّطِ

  وغَبَطَ الشاةَ والناقةَ يَغْبِطُهما غَبْطاً: جَسَّهُما لينظر سِمَنَهما من هُزالِهِما؛ قال رجل من بني عمرو ابن عامر يهْجُو قوماً من سُلَيْم:

  إِذا تَحَلَّيْتَ غَلَّاقاً لِتَعْرِفَها ... لاحَتْ من اللُّؤْمِ في أَعْناقِه الكُتب

  (⁣١) إِني وأَتْيِي ابنَ غَلَّاقٍ ليَقْرِيَني ... كالغابطِ الكَلْبِ يَبْغِي الطِّرْقَ في الذَّنَبِ

  وناقة غَبُوطٌ: لا يُعْرَف طِرْقُها حتى تُغْبطَ أَي تُجَسّ باليد.

  وغَبَطْتُ الكَبْش أَغْبطُه غَبْطاً إِذا جَسَسْتَ أَليته لتَنْظرَ أَبه طِرْقٌ أَم لا.

  وفي حديث أَبي وائلٍ: فغَبَطَ منها شاةً فإِذا هي لا تُنْقِي أَي جَسّها بيده.

  يقال: غَبَطَ الشاةَ إِذا لَمَسَ منها المَوضع الذي يُعْرَف به سِمَنُها من هُزالها.

  قال ابن الأَثير: وبعضهم يرويه بالعين المهملة، فإِن كان محفوظاً فإِنه أَراد به الذبح، يقال: اعْتَبَطَ الإِبلَ والغنم إِذا ذبحها لغير داء.

  وأَغْبَطَ النباتُ: غَطَّى الأَرض وكثفَ وتَدانَى حتى كأَنه من حَبَّة واحدة؛ وأَرض مُغْبَطةٌ إِذا كانت كذلك.

  رواه أَبو حنيفة: والغَبْطُ والغِبْطُ القَبضاتُ المَصْرُومةُ من الزَّرْع، والجمع غُبُطٌ.

  الطائِفيّ: الغُبُوطُ القَبضاتُ التي إِذا حُصِدُ البُرّ وُضِعَ قَبْضَة قَبْضة، الواحد غَبْط وغِبْط.

  قال أَبو حنيفة: الغُبوطُ القَبَضاتُ المَحْصودةُ المتَفرّقةُ من الزَّرْع، واحدها غبط على الغالب.

  والغَبِيطُ: الرَّحْلُ، وهو للنساء يُشَدُّ عليه الهوْدَج؛ والجمع غُبُطٌ؛ وأَنشد ابن برّيّ لوَعْلةَ الجَرْمِيّ:

  وهَلْ تَرَكْت نِساء الحَيّ ضاحِيةً ... في ساحةِ الدَّارِ يَسْتَوْقِدْنَ بالغُبُطِ؟

  وأَغْبَطَ الرَّحْلَ على ظهر البعير إِغْباطاً، وفي التهذيب: على ظهر الدابةِ: أَدامه ولم يحُطَّه عنه؛ قال حميد


(١) قوله [في أعناقه] أَنشده شارح القاموس في مادة غلق أَعناقها.