لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الباء الموحدة]

صفحة 38 - الجزء 1

  ، معناه ذَوُو بَواء. وفي الحديث أَنه قال: الجِراحاتُ بَواءٌ يعني أَنها مُتَساويةٌ في القِصاص، وأَنه لا يُقْتَصُّ للمَجْرُوحِ الَّا مِنْ جارِحِه الجاني، ولا يُؤْخَذُ إلا مِثْلُ جِراحَتِه سَواء وما يُساوِيها في الجُرْحِ، وذلك البَواءُ.

  وفي حديث الصَّادِقِ: قيل له: ما بالُ العَقْرَبِ مُغْتاظةً على بني آدمَ؟ فقال: تُريدُ البَواءَ أَي تُؤْذِي كما تُؤْذَى.

  وفي حديث علي ¥: فيكون الثّوابُ جزاءً والعِقابُ بَواءً.

  وباءَ فلان بفلان: إذا كان كُفْأً له يُقْتَلُ به؛ ومنه قول المُهَلْهِلِ لابن الحرث بن عَبَّادٍ حين قَتَله: بُؤْ بِشِسْعِ نَعْلَيْ كُلَيْبٍ، معناه: كُنْ كُفْأً لِشسْعِ نَعْلَيْه.

  وباء الرجلُ بصاحبه: إذا قُتِلَ به.

  يقالُ: باءتْ عَرارِ بكَحْلٍ، وهما بَقَرَتانِ قُتِلَتْ إحداهما بالأُخرى؛ ويقال: بُؤْ به أَي كُنْ ممن يُقْتَل به.

  وأَنشد الأَحمر لرجل قَتَلَ قاتِلَ أَخِيه، فقال:

  فقلتُ له بُؤْ بامرِئٍ لَسْتَ مثْلَه ... وإن كُنتَ قُنْعاناً لِمَنْ يَطْلُبُ الدَّما

  يقول: أنتَ، وإن كنتَ في حَسَبِكَ مَقْنَعاً لكل مَنْ طَلَبَكَ بثَأْر، فلَسْتَ مِثلَ أَخي.

  وإذا أَقَصَّ السلطانُ رجلاً برجل قِيل: أَباءَ فلاناً بفلان.

  قال طُفَيْل الغَنَوِيُّ:

  أَباءَ بقَتْلانا مِن القومِ ضِعْفَهم ... وما لا يُعَدُّ مِن أَسِيرٍ مُكَلَّبِ

  قال أَبو عبيد: فان قتله السلطانُ بقَود قيل: قد أَقادَ السلطانُ فلاناً وأَقَصَّه وأَباءَه وأَصْبَرَه.

  وقد أَبأْتُه أُبيئُه إباءَةً.

  قال ابن السكِّيت في قول زُهَيْر بن أَبي سُلْمَى:

  فَلَم أَرَ مَعْشَراً أَسَرُوا هَديًّا ... ولم أَرَ جارَ بَيْتٍ يُسْتَباءُ

  قال: الهَديُّ ذو الحُرْمَة؛ وقوله يُسْتَباءُ أَي يُتَبَوّأُ، تُتَّخَذ امرأتُه أَهلاً؛ وقال أَبو عمرو الشيباني: يُسْتبَاء، من البَواء، وهو القَوَد.

  وذلك أَنه أَتاهم يريد أَنَ يَسْتَجِيرَ بهم فأَخَذُوه، فقتلوه برجل منهم.

  وقول التَّغْلَبي:

  أَلا تَنْتَهِي عَنَّا مُلوكٌ، وتتَّقي ... مَحارِمَنا لا يُبْأَءُ الدَّمُ بالدَّمِ

  أَرادَ: حِذارَ أَن يُباء الدَّم بالدَّم؛ ويروى: لا يَبْؤُءُ الدَّمُ بالدَّمِ أَي حِذارَ أَنْ تَبُوءَ دِماؤُهم بدِماء مَنْ قتَلوه.

  وبَوَّأَ الرُّمحَ نحوه: قابَله به، وسَدَّدَه نحْوَه.

  وفي الحديث: أَنَّ رجلاً بَوَّأَ رَجلاً برُمحِه، أَي سَدَّده قِبَلَه وهَيَّأَه.

  وبَوَّأَهُم مَنْزِلاً: نَزَلَ بهم إلى سَنَدِ جَبَل.

  وأَبَأْتُ بالمَكان: أَقَمْتُ به.

  وبَوَّأْتُكَ بَيتاً: اتَّخَذْتُ لك بيتاً.

  وقوله ø: أَنْ تَبَوَّآ لقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيوتاً، أَي اتَّخِذا.

  أَبو زيد: أَبَأْتُ القومَ مَنْزلاً وبَوَّأْتُهم مَنْزِلاً تَبْوِيئاً، وذلك إذا نزلْتَ بهم إلى سَنَدِ جبل، أَو قِبَلِ نَهر.

  والتبوُّؤُ: أَن يُعْلِمَ الرجلُ الرجلَ على المَكان إذا أَعجبه لينزله.

  وقيل: تَبَوَّأَه: أَصْلَحه وهَيَّأَه.

  وقيل: تَبوَّأَ فلان مَنْزِلاً: إذا نظَر إلى أَسْهَلِ ما يُرى وأَشَدِّه اسْتِواءً وأَمْكَنِه لِمَبيتِه، فاتَّخذَه؛ وتَبوَّأَ: نزل وأَقام، والمَعْنَيانِ قَريبان.

  والمباءَةُ: مَعْطِنُ القَوْمِ للابِل، حيث تُناخُ في المَوارِد.

  وفي الحديث: قال له رجل: أُصَلِّي في مَباءة الغَنَم؟ قال: نَعَمْ، أَي مَنْزِلها الذي تَأْوِي إليه، وهو المُتَبَوّأُ أَيضاً.

  وفي الحديث أَنه قال: في المدينة ههُنا المُتَبَوَّأُ.

  وأَباءَه مَنْزِلاً وبَوَّأَه إيَّاه وبَوَّأَه له وبَوَّأَه فيه، بعني هَيَّأَه له وأَنْزَلَه ومَكَّنَ له فيه.

  قال: