لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الباء]

صفحة 16 - الجزء 8

  تأْبَى بِدِرَّتِها، إِذا اسْتُغْضِبَت ... إِلَّا الحَمِيمَ، فإِنه يَتَبَضَّعُ⁣(⁣١)

  يَتبضَّع: يَتفتَّحُ بالعَرَق ويَسِيلُ مُتقطِّعاً، وكان أَبو ذؤيب لا يُجِيد في وصْفِ الخيل، وظنّ أَنَّ هذا مما توصف به؛ قال ابن بري: يقول تأْبَى هذه الفرس أَن تَدِرَّ لك بما عندها من جَرْي إِذا اسْتَغْضَبْتها لأَن الفرس الجَوادَ إِذا أَعطاك ما عنده من الجرْي عَفْواً فأَكرهْته على الزيادة حملته عزّة النفْس على ترك العَدْو، يقول: هذه تأْبى بدرَّتها عند إِكْراهها ولا تأْبى العَرَق، ووقع في نسخة ابن القطَّاع: إِذا ما استُضْغِبت، وفسره بفُزِّعَت لأَن الضاغب هو الذي يَخْتَبِئُ في الخَمَرِ ليُفَزِّعَ بمثل صوت الأَسد، والضُّغابُ صوت الأَرْنب.

  والبَضِيعُ: العَرَقُ، والبَضيعُ: البحر، والبَضِيعُ: الجَزِيرةُ في البحر، وقد غلب على بعضها؛ قال ساعدة ابن جُؤَيّةَ الهذلي:

  سادٍ تَجرَّمَ في البَضِيعِ ثَمانِياً ... يَلْوي بعَيْقاتِ البِحارِ ويُجْنَبُ⁣(⁣٢)

  ساد مقلوب من الإِسْآدِ وهو سَيْرُ الليل.

  تجَرَّمَ في البَضِيعِ أَي أَقام في الجزيرة، وقيل: تجرَّم أَي قَطعَ ثماني ليال لا يَبْرَح مكانَه، ويقال للذي يُصْبح حيث أَمْسى ولم يبرح مكانه سادٍ، وأَصله من السُّدَى وهو المُهْمَلُ وهذا الصحيح.

  والعَيْقةُ: ساحل البحر، يَلْوِي بَعيقات أَي يذهب بما في ساحل البحر.

  ويُجْنَبُ أَي تَصِيبه الجَنُوب؛ وقال القتيبي في قول أَبي خِراش الهذلي:

  فلمّا رأَيْنَ الشمْسَ صارت كأَنها ... فُوَيْقَ البَضِيعِ في الشُّعاعِ، خَمِيلُ

  قال: البَضِيعُ جزيرة من جزائر البحر، يقول: لما همَّت بالمَغِيب رأَينَ شُعاعَها مثل الخَمِيلِ وهو القَطِيفة.

  والبُضَيعُ مصغَّر: مكان في البحر؛ وهو في شعر حسّان بن ثابت في قوله:

  أَسَأَلْتَ رَسْمَ الدارِ أَمْ لم تَسْأَلِ ... بَيْنَ الخَوابي، فالبُضَيْعِ فحَوْمَلِ

  قال الأَثرم: وقيل هو البُصَيْعُ، بالصاد غير المعجمة، قال الأَزهري: وقد رأَيته وهو جبل قصير أَسود على تلّ بأَرض البلسةِ فيما بين سيل وذات الصَّنَمين بالشام من كُورة دِمَشْق، وقيل: هو اسم موضع ولم يُعَيَّنْ.

  والبَضِيعُ والبُضَيْعُ وباضِعٌ: مواضِعُ.

  وبئر بُضاعة التي في الحديث، تكسر وتضم، وفي الحديث: أَنه سئل عن بئر بُضاعة قال: هي بئر معروفة بالمدينة، والمحفوظ ضم الباء، وأَجاز بعضهم كسرها وحكي بالصاد المهملة.

  وفي الحديث ذكر أَبْضَعة، وهو مَلِك من كِنْدةَ بوزن أَرْنَبة، وقيل: هو بالصاد المهملة.

  وقال البشتي: مررت بالقوم أَجمعين أَبضعين، بالضاد، قال الأَزهري: وهذا تصحيف واضح، قال أَبو الهيثم الرازي: العرب تُوَكِّد الكلمة بأَربعة توَاكِيدَ فتقول: مررت بالقوم أَجمعين أَكتعين أَبصعين أَبتعين، بالصاد، وكذلك روي عن ابن الأَعرابي قال: وهو مأْخوذ من البَصْع وهو الجمْع.


(١) راجع هذا البيت وشرحه في أول هذه المادة.

(٢) قوله [يجنب] هو بصيغة المبني للمفعول وتقدم ضبطه في مادة سأد بفتح الياء.