[فصل الجيم]
  وكنا لا نكاد نفهم كلامه وكتبه شمر والأَبيات التي أَنشدني:
  إِن تَمْنَعِي صَوْبَكِ صَوْبَ المَدْمَعِ ... يَجْرِي على الخَدِّ كضِئْبِ الثَّعْثَعِ
  وطَمْحةٍ صَبِيرُها جَحْلَنْجَعِ ... لم يَحْضُها الجَدْوَلُ بالتَّنَوُّعِ
  قال: وكان يسمِّي الكُورَ المِحْضَى.
  وقال الأَزهري عن هذه الكلمة وما بعدها في أَوّل باب الرباعي من حرف العين: هذه حروف لا أَعرفها ولم أَجد لها أَصلاً في كتب الثقات الذين أَخذوا عن العرب العارِبة ما أَوْدَعُوا كتبهم، ولم أَذكرها وأَنا أَحقُّها، ولكني ذكرتها اسْتِنْداراً لها وتَعَجُّباً منها ولا أَدري ما صحّتها، ولم أَذكرها أَنا هنا مع هذا القول إِلَّا لئلا يذكرها ذاكر أَو يسمعها سامع فيظنّ بها غير ما نقلت فيها، والله أَعلم.
  جدع: الجَدْعُ: القَطْعُ، وقيل: هو القطع البائن في الأَنف والأُذن والشَّفةِ واليد ونحوها، جَدَعَه يَجْدَعُه جَدْعاً، فهو جادِعٌ.
  وحمار مُجَدَّع: مَقْطُوع الأُذن؛ قال ذو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
  أَتانِي كلامُ التَّغْلَبيّ بن دَيْسَقٍ ... ففي أَيِّ هذا، وَيْلَه، يَتَترَّعُ؟
  يقول الخَنى، وأَبغَضُ العُجْمِ، ناطِقاً ... إِلى ربه، صوتُ الحِمارِ اليُجَدَّعُ
  أَراد الذي يُجدَّع فأدخل اللام على الفعل المضارع لمضارعة اللام الذي كما تقول هو اليَضْرِبُك، وهو من أَبيات الكتاب وقال أَبو بكر بن السراج: لما احتاج إِلى رفع القافية قلب الاسم فعلاً وهو من أَقبح ضرورات الشعر، وهذا كما حكاه الفراء من أَن رجلاً أَقبل فقال آخر: هاهوذا، فقال السامع: نِعْمَ الهاهوذا، فأَدخل اللام على الجملة من المبتدإِ والخبر تشبيهاً له بالجملة المركبة من الفعل والفاعل؛ قال ابن بري: ليس بيتُ ذي الخِرَق هذا من أَبيات الكتاب كما ذكر الجوهري وإِنما هو في نوادر أَبي زيد.
  وقد جَدِعَ جَدَعاً، وهو أَجْدَعُ بيِّن الجَدَعِ، والأُنثى جَدْعاء؛ قال أَبو ذؤيب يصف الكلاب والثور:
  فانْصاعَ من حَذرٍ وسَدَّ فُروجَه ... غُبْرٌ ضَوارٍ: وافِيانِ وأَجْدَعُ
  أجْدع أَي مَقْطوع الأُذن.
  وافيانِ: لم يُقْطع من آذانهما شيء، وقيل: لا يقال جَدعَ ولكن جُدعَ من المَجْدُوع.
  والجَدَعةُ: ما بَقِي منه بعد القَطْع.
  والجَدَعةُ: موضع الجَدْع، وكذلك العَرَجةُ من الأَعْرج، والقَطَعة من الأَقْطَع.
  والجَدْعُ: ما انقطع من مَقادِيم الأَنف إِلى أَقْصاه، سمي بالمصدر.
  وناقة جَدْعاء: قُطِع سُدسُ أُذنها أَو ربعها أَو ما زاد على ذلك إِلى النصف.
  والجَدْعاء من المعزَ: المَقْطوع ثلث أُذنها فصاعداً، وعم به ابن الأَنباري جميع الشاء المُجَدَّع الأُذن.
  وفي الدعاء على الإِنسان: جَدْعاً له وعَقْراً؛ نصبوها في حدّ الدعاء على إِضمار الفعل غير المستعمل إِظهاره، وحكى سيبويه: جَدَّعْتُه تَجْديعاً وعَقَّرْتُه قلت له ذلك، وهو مذكور في موضعه؛ فأَمّا قوله:
  تَراه كأَنَّ الله يَجْدَعُ أَنْفَه ... وعَيْنَيْه، إِنْ مَولاه ثابَ له وَفْرُ