[فصل الجيم]
  فعلى قوله:
  يا لَيْتَ بَعْلَكِ قد غَدا ... مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحا
  إِنما أَراد ويفقأُ عينيه؛ واستعار بعضُ الشُّعراء الجَدْعَ والعِرْنينَ للدّهْر فقال:
  وأَصبَح الدهْرُ ذُو العِرْنِينِ
  قد جُدِعا والأَعرف:
  وأَصبحَ الدهرُ ذو العلَّاتِ قد جُدعا
  وجَداعِ: السَّنةُ الشديدة تذهب بكل شيء كأَنها تَجْدَعُه؛ قال أَبو حَنْبل الطائي:
  لقد آليْتُ أَغْدِر في جَداعِ ... وإِنْ مُنِّيتُ، أُمّاتِ الرِّباعِ
  وهي الجَداعُ أَيضاً غير مبنية لمكان الأَلف واللام.
  والجَداعُ: الموت لذلك أَيضاً.
  والمُجادعةُ: المُخاصمةُ.
  وجادَعَه مُجادَعة وجِداعاً: شاتَمَه وشارَّه كأَنَّ كل واحد منهما جَدَع أَنف صاحبه؛ قال النابغة الذُّبْياني:
  أَقارعُ عَوْفٍ، لا أُحاوِلُ غيرَها ... وجُوه قُرودٍ، تَبْتَغِي من تُجادِعُ
  وكذلك التّجادُع.
  ويقال: اجْدَعْهم بالأَمر حتى يَذِلُّوا؛ حكاه ابن الأَعرابي ولم يفسره.
  قال ابن سيده: وعندي أَنه على المثل أَي اجدع أُنوفهم.
  وحكي عن ثعلب: عام تَجَدَّعُ أَفاعِيه وتجادَعُ أَي يأْكل بعضها بعضاً لشدّته، وكذلك تركت البلاد تَجَدَّعُ وتَجادَعُ أَفاعيها أَي يأْكل بعضها بعضاً، قال: وليس هناك أَكل ولكن يريد تقَطَّعُ.
  وقال أَبو حنيفة: المُجَدَّعُ من النبات ما قُطع من أَعلاه ونَواحِيه أَو أُكل.
  ويقال: جَدَّع النباتَ القَحْطُ إِذا لم يَزْكُ لانْقِطاع الغَيْثِ عنه؛ وقال ابن مقبل:
  وغَيْث مَريع لم يُجَدَّعْ نَباتُه
  وكَلأٌ جُداعٌ، بالضم، أَي دَوٍ؛ قال رَبيعةُ بن مَقْرُوم الضَّبِّيّ:
  وقد أَصِلُ الخَلِيلَ وإِن نآني ... وغِبَّ عَداوتي كَلأٌ جُداعُ
  قال ابن بري: قوله كَلأٌ جُداع أي يَجْدَعُ مَن رَعاه؛ يقول: غِبّ عَداوتي كَلأٌ فيه الجَدْع لمن رعاه، وغب بمعنى بعد.
  وجَدِعَ الغلامُ يَجْدَعُ جَدَعاً، فهو جَدِعٌ: ساء غِذاؤه؛ قال أَوْس بن حَجَر:
  وذاتُ هِدْمٍ عارٍ نَواشِرُها ... تُصْمِتُ بالماء تَوْلَباً جَدِعا
  وقد صحّف بعض العلماء هذه اللفظة، قال الأَزهري في أَثناء خطبة كتابه: جمع سليمان بن علي الهاشميّ بالبصرة ين المُفَضَّل الضبّيّ والأَصمعي فأَنشد المفضَّل: وذات هدم، وقل آخر البيت: جَذَعا، ففَطِن الأَصمعي لخَطئه، وكان أَحدَثَ سِنّاً منه، فقال له: إِنما هو تولباً جَذَعا، وأَراد تقريره على الخطاء فلم يَفْطَن المفضل لمراده، فقال: وكذلك أَنشدته، فقال له الأَصمعي حينئذ: أَخطأْت إِنما هو: تَوْلباً جَدِعا، فقال له المفضل: جذعا جذعا، ورفع صوته ومدّه، فقال له الأَصمعي: لو نفَخْت في الشَّبُّور ما نفعك، تكم كلام النمل وأَصبْ، إِنما هو: جَدِعا، فقال سليمان بن علي: من تَخْتارانِ أَجعله بينكما؟ فاتفقا على غلام من بني أَسد حافظ للشعر فأُحْضِر، فعرَضا عليه ما اختلفا فيه فصدَّق الأَصمعي وصوّب