لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل العين المهملة]

صفحة 260 - الجزء 9

  الناس يتَأَول العَوْفَ الفَرْجَ فذكر ذلك لأَبي عمرو فأَنكره.

  وقال أَبو عبيد: من أَمثال العرب في الرجل العزيز المنيع الذي يَعِزُّ به الذليلُ ويَذِلُّ به العزيزُ قولهم: لا حُرَّ بوادِي عَوْفٍ أَي كل من صار في ناحيته خضع له، وكان المفضل يخبر أَن المَثَل للمنذر ابن ماء السماء قاله في عوف بن مُحَلِّم بن ذُهْل بن شيبان، وذلك أَن المنذر كان يَطلُبُ زُهَير بن أُميّة الشَّيْباني بذَحْل، فمنعه عوفُ بنُ مُحَلِّمٍ وأَبى أَن يسلمه، فعندما قال المنذر: لا حُرَّ بوادِي عَوْفٍ أَي أنه يَقْهَر من حلَّ بواديه، فكلّ من فيه كالعبد له لطاعتهم إياه.

  وعُوافةُ، بالضم: اسم رجل.

  عيف: عافَ الشيءَ يَعافه عَيْفاً وعِيافةً وعِيافاً وعَيَفاناً: كَرِهه فلم يَشْربه طعاماً أَو شراباً.

  قال ابن سيده: قد غلب على كراهية الطعام، فهو عائف؛ قال أَنس ابن مُدْرِكة الخثعمي:

  إني، وقتلي كُليباً ثم أَعْقِلَه ... كالثَّور يُضْرَبُ لمَّا عافت البَقَرُ⁣(⁣١)

  وذلك أَن البقر إذا امتنعت من شروعها في الماء لا تُضْرَب لأَنها ذات لبن، وإنما يضرب الثور لتَفزع هي فتشرب.

  قال ابن سيده: وقيل العياف المصدر والعيافة الاسم؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

  كالثَّور يُضْرَبُ أَن تَعافَ نِعاجُه ... وَجَبَ العِيافُ، ضَرَبْتَ أَو لم تَضْرِب

  ورجل عَيُوفٌ وعَيْفان: عائف، واستعاره النجاشي للكلاب فقال يهجو ابن مقبل:

  تَعافُ الكِلابُ الضارِياتُ لحُومَهُمْ ... وتأْكل من كعب بنِ عَوْفٍ ونَهْشَل

  وقوله:

  فإنْ تَعافُوا العَدْلَ والإِيمانا ... فإنَّ في أَيْمانِنا نِيرانا

  فإنه يعني بالنيران سيوفاً أَي فإنا نضربكم بسيوفنا، فاكتفى بذكر السيوف عن ذكر الضرب بها.

  والعائف: الكاره للشيء المُتَقَذِّر له؛ ومنه حديث النبي، : أَنه أُتي بضَبّ مَشْوِي فلم يأْكله، وقال: إني لأَعافُه لأَنه ليس من طعام قومي أَي أَكرهه.

  وعاف الماءَ: تركه وهو عطشانُ.

  والعَيُوف من الإِبل: الذي يَشَمُّ الماء، وقيل الذي يشمه وهو صاف فيدَعُه وهو عطشانُ.

  وأَعاف القومُ إعافةً: عافَتْ إبلُهُم الماء فلم تشربه.

  وفي حديث ابن عباس وذكره إبراهيم، صلى اللَّه على نبينا وعليه وسلم، وإسكانه ابنه إسماعيل وأُمه مكة وأَن اللَّه ø فجَّر لهما زمزم قال: فمرَّتْ رُفقةٌ من جُرْهُمٍ فرأَوا طائراً واقعاً على جبل فقالوا: إن هذا الطائر لعائف على ماء؛ قال أَبو عبيدة: العائف هنا هو الذي يتردد على الماء ويحُوم ولا يَمْضِي.

  قال ابن الأَثير: وفي حديث أُم إسماعيل، #: ورأَوا طيراً عائفاً على الماء أَي حائماً ليَجِد فُرْصة فيشرب.

  وعافت الطير إذا كانت تحوم على الماء وعلى الجيف تَعيف عَيْفاً وتتردد ولا تمضي تريد الوقوع، فهي عائفة، والاسم العَيْفةُ.

  أَبو عمرو: يقال عافت الطيرُ إذا استدارت على شيء تَعُوف أَشدّ العَوْف.

  قال الأَزهري وغيره: يقال عافت تَعِيفُ؛ وقال الطرماح:

  ويُصْبِحُ لي مَنْ بَطْنُ نَسْرٍ مَقِيلُه ... دويْنَ السماء في نُسُورٍ عوائف

  وهي التي تَعِيف على القتلى وتتردد.

  قال ابن سيده:


(١) قوله [كليباً] كذا في الأصل، ورواية الصحاح وشارح القاموس: سليكاً، وهي المشهورة فلعلها رواية أخرى.