[فصل الكاف]
  فالشمسُ طالعةٌ ليست بكاسفةٍ ... تَبكي عليك، نُجومَ الليلِ والقَمرا
  قال: ومعناه أَنها طالعة تبكي عليك ولم تكسِف ضوء النجوم ولا القمر لأَنها في طلوعها خاشعةً باكيةً لا نور لها، قال: وكذلك كسف القمرُ إلا أَن الأَجود فيه أَن يقال خسَف القَمرُ، والعامة تقول انكسفت الشمس، قال: وتقول خشَعَت الشمس وكسَفت وخسَفت بمعنى واحد؛ وروى الليث البيت:
  الشمسُ كاسفةٌ ليست بطالعةٍ ... تبكي عليك نجومَ الليلِ والقَمرا
  فقال: أَراد ما طلع نجم وما طلع قمر، ثم صرفه فنصبه، وهذا كما تقول: لا آتيك مطْرَ السماء أَي ما مَطَرَت السماء، وطُلوعَ الشمسِ أَي ما طَلعت الشمسُ، ثم صرفته فنصبته.
  وقال شمر: سمعت ابن الأَعرابي يقول تبكي عليك نجومَ الليل والقمرا أَي ما دامت النجوم والقمر، وحكي عن الكسائي مثله، قال: وقلت للفراء: إنهم يقولون فيه إنه على معنى المغالبة باكيته فبكيته فالشمس تغلب النجوم بكاء، فقال: إن هذا الوجه حسن، فقلت: ما هذا بحسن ولا قريب منه.
  وكسَف بالُه يَكْسف إذا حدثته نفسه بالشرّ، وأَكْسفه الحزنُ؛ قال أَبو ذؤيب:
  يَرْمِي الغُيُوبَ بعَينَيْه ومَطْرِفُه ... مُغْضٍ، كما كسَف المُسْتأْخذُ الرَّمِدُ
  وقيل: كُسوف باله أَن يَضِيق عليه أَمله.
  ورجل كاسفُ البال أَي سيِّء الحال.
  ورجل كاسفُ الوجه: عابسُه من سوء الحال؛ يقال: عبَس في وجهي وكسَفَ كُسوفاً.
  والكُسوف في الوجه: الصفرة والتغير.
  ورجل كاسف: مهموم قد تغير لونه وهُزل من الحزن.
  وفي المثل: أَكَسْفاً وإمْساكاَ؟ أَي أَعبوساً مع بُخل.
  والتكسيف: التقطيع.
  وكسَف الشيءَ يكْسِفه كسْفاً وكسَّفه، كلاهما: قطعه، وخص بعضهم به الثوب والأَديم.
  والكِسْف والكِسْفةُ والكَسِيفة: القِطْعة مما قطَعْت.
  وفي الحديث: أَنه جاء بثريدة كِسْفٍ أَي خبز مكسّر، وهي جمع كِسْفة للقطعة من الشيء.
  وفي حديث أَبي الدرداء، ¥: قال بعضهم رأَيته وعليه كِسافٌ أَي قطعة ثوب؛ قال ابن الأَثير: وكأَنها جمع كِسْفة أَو كِسْف.
  وكِسْف السحاب وكِسَفُه: قِطَعُه، وقيل إذا كانت عريضة فهي كِسْف.
  وفي التنزيل: وإن يروا كِسْفاً من السماء؛ الفراء في قوله تعالى: أَو تسقط السماء كما زعمت علينا كِسَفاً، قال: الكِسْفُ والكِسَفُ وجهان، والكِسْفُ: الجِماعُ، قال: وسمعت أَعرابياً يقول أَعطني كِسْفة من ثوبك يريد قِطْعة، كقولك خَرْقة، وكُسِفَ فعل، وقد يكون الكِسْف جماعاً للكِسفة مثل عُشْبة وعُشْب؛ وقال الزجاج: قرئ كِسْفاً وكِسَفاً، فمن قرأَ كِسَفاً جعلها جمع كِسْفة وهي القِطْعة، ومن قرأَ كِسْفاً جعله واحداً، قال: أَو تسقطها طَبَقاً علينا، واشتقاقه من كسَفْت الشيء إذا غطَّيته.
  وسئل أَبو الهيثم عن قولهم كسَفْت الثوبَ أَي قطعته فقال: كلُّ شيء قطعتَه فقد كسفته.
  أَبو عمرو: يقال لخِرَق القميص قبل أَن تؤلَّف الكِسَفُ والكِيَف والحِذَف، واحدتها كِسْفة وكِيفةٌ وحِذْفةٌ.
  ابن السكيت: يقال كسَف أَملُه فهو كاسف إذا انقطع رجاؤه مما كان يأْمل ولم ينبسط، وكسَف بالُه يكسِف حدَّثته نفسه بالشر.