لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل النون]

صفحة 326 - الجزء 9

  وأَنزف القوم إذا ذهب ماء بئرهم وانقطع.

  وبئر نَزيفٌ ونَزُوف: قليلة الماء مَنزوفة.

  ونزَفْت البئر أَي استقَيْت ماءها كلَّه.

  وفي الحديث: زَمْزمُ لا تُنْزَف ولا تُذَمُّ أَي لا يَفْنى ماؤها على كثرة الاستقاء.

  أَبو عبيدة: نَزِفَت عَبْرتُه، بالكسر، وأَنزَفها صاحبها؛ قال العجاج:

  وصَرَّحَ ابنُ مَعْمَرٍ لِمَنْ ذَمَرْ ... وأَنزَفَ العَبْرةَ من لاقى العِبَرْ

  ذمَره: زجَره أَي قال له جِدَّ في الأَمْر؛ وقال أَيضاً:

  وقد أَراني بالدِّيارِ مُنْزَفا ... أَزْمانَ لا أَحْسَبُ شيئاً مُنْزَفا

  والنُّزْفةُ، بالضم: القليل من الماء والخمر مثل الغُرْفة، والجمع نُزَفٌ؛ قال ذو الرمة:

  يُقَطِّعُ مَوضُونَ الحديثِ ابتِسامُها ... تَقَطُّعَ ماء المُزْن في نُزَفِ الخَمْر⁣(⁣١)

  وقال العجاج:

  فشَنَّ في الإِبرِيق منها نُزَفا

  والمِنْزَفَةُ: ما يُنْزَف به الماء، وقيل: هي دُلَيَّة تُشَدُّ في رأْس عود طويل، ويُنْصب عود ويُعَرَّض ذلك العود الذي في طرَفه الدَّلْو على العود المنصوب ويُستقى به الماء.

  ونزَفه الحجَّام يَنْزِفُه وينْزُفُه: أَخرج دمه كله.

  ونُزِف دمه نَزْفاً، فهو مَنْزوف ونَزِيف: هُرِيق.

  ونزَفَ فلان دَمَه يَنْزِفُه نزْفاً إذا استخرجه بحِجامة أَو فَصْد، ونزَفه الدمُ يَنْزفه نزْفاً، قال: وهذا هو من المقلوب الذي يُعرف معناه، والاسم من ذلك كله النُّزْف.

  ويقال: نزَفه الدم إذا خرج منه كثيراً حتى يَضْعُف.

  والنُّزْف: الضعْف الحادث عن ذلك؛ فأَما قول قَيس بن الخَطِيم:

  تَغْتَرِقُ الطرْفَ، وهي لاهِيةٌ ... كأَنَّما شَفَّ وجْهَها نُزْفُ

  فإن ابن الأَعرابي قال: يعني من الضعْفِ والانْبِهار، ولم يزد على ذلك؛ قال غيره: النُّزف هنا الجرح الذي ينْزِفُ عنه دم الإِنسان؛ وقال أَبو منصور: أَراد أَنها رَقِيقة المَحاسن حتى كأَنَّ دمها مَنْزُوف.

  وقال اللحياني: أَدركه النُّزْف فصرعه من نَزْفِ الدم.

  ونزَفه الدمُ والفَرَقُ: زال عقْلُه؛ عن اللحياني.

  قال: وإن شئت قلت أَنْزَفَه.

  ونزَّفت المرأَة تَنزيفاً إذا رأَت دماً على حملها، وذلك يَزيد الولد ضَعفاً وحَمْلَها طولًا.

  ونُزِفَ الرجلُ دماً إذا رَعَف فخرج دمه كله.

  وفي المثل: فلان أَجْبَنُ من المَنزوف ضَرِطاً وأَجبن من المنزوف خَضْفاً؛ وذلك أَن رجلاً فَزِع فضَرطَ حتى مات؛ وقال اللحياني: هو رجل كان يدعي الشجاعة، فلما رأَى الخيل جعل يَفْعل حتى مات هكذا، قال: يفعل يعني يَضْرَطُ؛ قال ابن بري: هو رجل كان إذا نُبِّه لشُرب الصَّبوح قال: هلَّا نَبَّهْتني لخيل قد أَغارت؟ فقيل له يوما على جهة الاختبار: هذه نواصي الخيل فما زال يقول الخيل الخيلَ ويَضْرَط حتى مات؛ وقيل: المَنزوف هنا دابّة بين الكلب والذئب تكون بالبادية إذا صيح بها لم تزل تَضْرَط حتى تموت.

  والنَّزِيفُ والمَنْزوفُ: السكرانُ المنزوفُ العقْلِ، وقد نُزِفَ.

  وفي التنزيل العزيز: لا يُصَدَّعُون عنها ولا يُنْزَفُون


(١) قوله [موضون الحديث] كذا بالأصل هنا، وقدم المؤلف في مادة قطع: موضوع الحديث بدل ما هنا، وقال في التفسير: موضوع الحديث محفوظه.