لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الحاء]

صفحة 45 - الجزء 10

  الذي تعلوه حُمرة.

  وحَرِقَ ريش الطائر، فهو حَرِقٌ: انْحصّ؛ قال عنترة يصف غراباً:

  حَرِقُ الجَناحِ، كأنَّ لَحْيَيْ رأسِه ... جَلَمانِ، بالأَخْبارِ هَشٌّ مُولَعُ

  والحَرَقُ في الناصيةِ: كالسّفى، والفعلُ كالفعل.

  وحَرِقَت اللِّحية فهي حَرِقةٌ: قصُر شعر ذقَنها عن شعر العارِضين.

  أبو عبيد: إذا انقطع الشعر ونَسَل قيل حَرِق يحرَقُ، وهو حَرِق، وفي الصحاح: فهو حَرِقُ الشعر والجناح؛ قال الطِّرمّاح يصف غراباً:

  شَنِجُ النِّسا حَرِقُ الجَناح كأنَّه ... في الدَّارِ إثْرَ الظَّاعِنينَ، مُقَيَّدُ

  وحَرَقَ الحديدَ بالمِبْرَد يحْرُقه ويَحْرِقُه حَرْقاً وحَرَّقه: بردَه وحَكَّ بعضَه ببعض.

  وفي التنزيل: لنُحَرِّقَنّه⁣(⁣١).

  وقرئ لنُحَرِّقَنَّه ولنَحْرُقَنَّه، وهما سواء في المعنى؛ قال الفراء: من قرأ لنحرُقنّه لنَبْرُدَنَّه بالحديد بَرْداً من حرَقْتُه أحْرُقه حَرْقاً؛ وأنشد المُفَضَّل لعامر بن شَقِيق الضَّبي:

  بذِي فَرْقَيْنِ، يَومَ بنو حَبيبٍ ... نُيوبَهُم علينا يَحْرُقُونا

  قال: وقرأ علي، كرم الله وجهه: لنحرُقنًه أي لنبرُدَنًه.

  وفي الحديث: أنه نهى عن حَرْق النواة؛ هو بَرْدها بالمِبرد.

  يقال: حرَقه المِحْرقِ أي برده به؛ ومنه القراءة لنُحَرِّقَنَّه، ويجوز أن يكون أراد إحراقها بالنار، وإنما نهى عنه إكراماً للنخلة أو لأَن النوى قُوتُ الدَّواجِن في الحديث.

  ابن سيده: وحرّقه مكثّرة عن حَرَقه كما ذهب إليه الزجاج من أنّ لنُّحَرِّقَنَّه بمعنى لنبرُدنَّه مرة بعد مرة، لأَن الجوهر المبرود لا يحتمل ذلك، وبهذا ردّ عليه الفارسي قوله.

  والحِرْقُ والحُراقُ والحِراقُ والحَرُوقُ، كله: الكُشُّ الذي يُلْقَح به النخل، أعني بالكُشّ الشِّمْراخَ الذي يؤخذ من الفحل فيُدَسُّ في الطَّلْعة.

  والحارِقةُ من النساء: التي تُكثر سَبَّ جارتِها.

  والحارِقةُ والحارُوق من النساء: الضيّقةُ الفرج.

  ابن الأَعرابي: وامرأة حارِقةٌ ضيّقة المَلاقي، وقيل: هي التي تَغْلِبها الشهوة حتى تَحْرُقَ أنيابَها بعضها على بعض أي تحُكَّها، يقول: عليكم بها⁣(⁣٢) ومنه الحديث: وجدْتُها حارِقةً طارِقةً فائقةً.

  وفي حديث الفتح: دخلَ مكةَ وعليه عمامة سَوداء حَرَقانِيّةٌ؛ جاء في التفسير أنها السوداء ولا يُدرَى ما أصلُه؛ قال الزمخشري: هي التي على لون ما أحرقته النار كأنها منسوبة بزيادة الأَلف والنون إلى الحرَق، بفتح الحاء والراء، قال: ويقال الحَرْقُ بالنار والحَرَقُ معاً.

  والحَرَقُ من الدّقِّ: الذي يَعْرِض للثوب عند دقّه، محرك لا غير؛ ومنه حديث عمر بن عبد العزيز: أراد أن يَستبدل بعُمَّاله لِما رأى من إبطائهم فقال: أمّا عَدِيُّ بن أرْطاة فإنما غرَّني بِعمامته الحَرَقانِيَّة السوداء.


(١) قوله [وفي التنزيل لنحرقنه الخ] كذا بالأصل مضبوطاً. وعبارة زاده على البيضاوي: والعامة على ضم النون وكسر الراء مشدّدة من حرقه يحرقه، بالتشديد، بمعنى أحرقه بالنار، وشدّد للكثرة والمبالغة، أو برده بالمبرد على أن يكون من حرق الشيء يحرقه ويحرقه، بضم الراء وكسرها، إذا برده بالمبرد، ويؤيد الإِحتمال الأَول قراءة لنحرقنه بضم النون وسكون الحاء وكسر الراء من الاحراق، ويعضد الثاني قراءة لنحرقنه بفتح النون وكسر الراء وضمها خفيفة أي لنبردنه اه. فتلخص أن فيه أربع قراءات.

(٢) قوله [يقول عليكم بها] كذا بالأصل هنا، وأورده ابن الأَثير في تفسير حديث الإمام علي: خير النساء الحارقة، وفي رواية: كذبتكم الحارقة.