لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل العين المهملة]

صفحة 260 - الجزء 10

  في الرجل يسأَل ما لا يكون وما لا يُقْدر عليه: كَلَّفْتَني الأَبْلَقَ العَقوق، ومثله: كَلَّفْتَني بَيْضَ الأَنوق؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

  فلو قَبِلوني بالعَقُوقِ، أَتَيْتُهُمْ ... بأَلْفٍ أُؤَدِّيه من المالِ أَقْرَعا

  يقول: لو أَتيتهم بالأَبْلَق العَقوقِ ما قبلوني، وقال ثعلب: لو قبلوني بالأَبيض العَقوق لأَتيتهم بأَلف، وقيل: العَقوق موضع، وأَنشد ابن السكيت هذا البيت الذي أَنشده ابن الأَعرابي وقال: يريد أَلف بعير.

  والعَقِيقةُ: سهم الاعتذار؛ قالت الأَعراب: إِن أَصل هذا أَن يُقْتَلَ رجلٌ من القبيلة فيُطالَب القاتلُ بدمه، فتجتمع جماعة من الرؤساء إِلى أَولياء القَتِيل ويَعْرضون عليهم الدِّيةَ ويسأَلون العفو عن الدم، فإِن كان وَلِيّه قويّاً حَمِياًّ أَبي أَخذ الدية، وإِن كان ضعيفاً شاوَرَ أَهل قبيلته فيقول للطالبين: إِن بيننا وبين خالقنا علامة للأَمر والنهي، فيقول لهم الآخرون: ما علامتكم؟ فيقولون: نأْخذ سهماً فنركبه على قَوْس ثم نرمي به نحْوَ السماء، فإِن رجع إلينا ملطخاً بالدم فقد نُهِينا عن أَخذ الدية، ولم يرضوا إِلا بالقَوَدِ، وإِن رجع نِقياًّ كما صعد فقد أُمِرْنا بأَخذ الدية، وصالحوا، قال: فما رجع هذا السهمُ قطَّ إِلا نَقِياًّ ولكن لهم بهذا غُذْرٌ عند جُهَّالهم؛ وقال شاعر من أَهل القَتِيل وقيل من هُذَيْلٍ، وقال ابن بري: هو للأَشْعَر الجُعْفي وكان غائباً من هذا الصلح:

  عَقُّوا بِسَهْمٍ ثم قالوا: صالِحُوا ... يا ليتَني في القَوْمِ، إِذ مَسَحوا اللِّحى

  قال: وعلامة الصلح مسح اللِّحى؛ قال أَبو منصور: وأَنشد الشافعي للمتنخل الهذلي:

  عَقُّوا بسَهْم، ولم يَشْعُرْ بِه أَحَدٌ ... ثم اسْتَفاؤوا وقالوا: حَبَّذا الوَضَحُ

  أَخبر أَنهم آثروا إِبل الدية وأَلبانها على دم قاتل صاحبهم، والوَضَحُ ههنا اللبن، ويروى: عَقَّوْا بسهم، بفتح القاف، وهو من باب المعتل.

  وعَقَّ بالسهم: رَمى به نحو السماء.

  وماء عُقّ مثل قُعٍّ وعُقاقٌ: شديد المرارة، الواحد والجمع فيه سواء.

  وأَعَقَّتِ الأَرضُ الماء: أَمَرَّتْه؛ وقول الجعدي:

  بَحْرُكَ بَحْرُ الجودِ، ما أَعَقَّه ... ربُّكَ، والمَحْرومُ مَنْ لم يُسْقَه

  معناه ما أَمَرَّه، وأَما ابن الأَعرابي فقال: أَراد ما أَقَعَّه من الماء القُعِّ وهو المُرُّ أَو الملح فقلب، وأَراه لم يعرف ماءً عُقاًّ لأَنه لو عرفه لحَمَلَ الفعلَ عليه ولم يحتج إِلى القلب.

  ويقال: ماءٌ قُعاعٌ وعُقاق إِذا كان مراًّ غليظاً، وقد أَقَعَّه الله وأَعَقَّه.

  والعَقِيقُ: خرز أَحمر يتخذ منه الفُصوص، الواحدة عَقِيقةٌ؛ ورأَيت في حاشية بعض نسخ التهذيب الموثوق بها: قال أَبو القاسم سئل إِبراهيم الحربي عن الحديث لا تَخَتَّمُوا بالعَقِيقِ فقال: هذا تصحيف إِما هو لا تُخَيِّمُوا بالعَقِيق أَي لا تقيموا به لأَنه كان خراباً والعُقَّةُ: التي يلعب بها الصبيان.

  وعَقْعَقَ الطائر بصوته: جاء وذهب.

  والعَقْعَقُ: طائر معروف من ذلك وصوته العَقْعَقةُ.

  قال ابن بري: وروى ثعلب عن إِسحق الموصلي أَن العَقْعَقَ يقال له الشِّجَجَى.

  وفي حديث النخعي: يقتل المُحْرِمُ العَقْعَقَ؛ قال ابن الأَثير: هو طائر معروف ذو لونين أَبيض وأَسود طويل الذَّنَب، قال: وإِنما أَجاز قتله لأَنه نوع من الغربان.