حرف الكاف
  الأَلوك فيكون هذا محمولًا عليه مقلوباً منه؛ فأَما قول عديّ بن زيد:
  أَبْلِغِ النُّعْمان عني مَأْلُكاً: ... أَنه قد طال حَبْسي وانْتِظار
  فإِن سيبويه قال: ليس في الكلام مَفْعُل، وروي عن محمد بن يزيد أَنه قال: مَأْلُك جمع مَأْلُكة، وقد يجوز أَن يكون من باب إِنْقَحل في القلة، والذي روي عن ابن عباس أَقيس(١)؛ قال ابن بري: ومثله مَكْرُم ومَعُون، قال الشاعر:
  ليوم رَوْعٍ أَو فَعَال مَكْرُم
  وقال جميل:
  بُثَيْنَ الْزَمي لا، إِنَّ لا إِنْ لَزِمْتِه ... على كثرةِ الوَاشينَ، أَيّ مَعُون
  قال: ونظير البيت المتقدم قول الشاعر:
  أَيُّها القاتلون ظلماً حُسَيْناً ... أَبْشِرُوا بالعَذابِ والتَّنْكيل
  كلُّ أَهلِ السماء يَدْعُو عليكُمْ: ... من نَبيّ ومَلأَكٍ ورسول
  ويقال: أَلَك بين القوم إِذا ترسّل أَلْكاً وأُلُوكاً والاسم منه الأَلُوك، وهي الرسالة، وكذلك الأَلُوكة والمَأْلُكة والمَأْلُك، فإِن نقلته بالهمزة قلت أَلَكْتُه إِليه رسالةً، والأَصل أَأْلَكْتُه فأَخرت الهمزة بعد اللام وخففت بنقل حركتها على ما قبلها وحَذْفِها، فإِن أَمرتَ من هذا الفعل المنقول بالهمزة قلت أَلِكْني إِليها برسالة، وكان مقتضى هذا اللفظ أَن يكون معناه أَرْسِلْني إِليها برسالة، إِلا أَنه جاء على القلب إِذ المعنى كُنْ رسولي إِليها بهذه الرسالة فهذا على حد قولهم:
  ولا تَهَيَّبُني المَوْماةُ أَركبها
  أَي ولا أَتَهَيَّبُها، وكذلك أَلِكْني لفظه يقضي بأَن المخاطَب مُرْسِلٌ والمتكلم مُرْسَل، وهو في المعنى بعكس ذلك، وهو أَن المخاطب مُرْسَل والمتكلم مخرْسِل؛ وعلى ذلك قول ابن أَبي ربيعة:
  أَلِكْني إِليها بالسلام، فإِنَّه ... يُنَكَّرُ إِلْمامي بها ويُشَهَّرُ
  أَي بَلِّغْها سلامي وكُنْ رسولي إِليها، وقد تحذف هذه الباء فيقال أَلِكْني إِليها السلامَ؛ قال عمرو بن شَأْسٍ:
  أَلِكْني إِلى قومي السلامَ رِسالةً ... بآية ما كانوا ضِعافاً ولا عُزْلا
  فالسلام مفعول ثان، ورسالة بدل منه، وإِن شئت حملته إِذا نصبت على معنى بَلِّغ عني رسالة؛ والذي وقع في شعر عمرو بن شأْس:
  أَلِكْني إِلى قومي السلامَ ورحمةَ الإِله ... فما كانوا ضِعافاً ولا عُزْلا
  وقد يكون المُرْسَلُ هو المُرْسَل إِليه، وذلك كقولك أَلِكْني إِليك السلام أَي كُنْ رسولي إِلى نفسك بالسلام؛ وعليه قول الشاعر:
  أَلِكْني يا عتيقُ إِليكَ قَوْلًا ... سَتُهْدِيه الرواةُ إِليكَ عَني
  وفي حديث زيد بن حارثة وأَبيه وعمه:
  أَلِكْني إِلى قومي، وإِن كنتُ نائياً ... فإِني قَطُينُ البيتِ عند المَشَاعِرِ
  أَي بَلِّغ رسالتي من الأَلُوكِ والمَأْلُكة، وهي الرسالة.
  وقال كراع: المَأْلُك الرسالة ولا نظير لها أَي لم يجئ على مَفْعُل إِلا هي.
(١) قوله [والذي روي عن ابن عباس أقيس] هكذا في الأَصل.