لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الضاد المعجمة]

صفحة 539 - الجزء 1

  الذَّنَب، كأَنَّ ذَنبه ذنبُ حَيَّة؛ ورُبَّ وَرَلٍ يُرْبي طُولُه على ذراعين.

  وذَنَبُ الضَّبِّ ذو عُقَد، وأَطولُه يكون قَدْرَ شِبْر.

  والعرب تَسْتَخْبِثُ الوَرَلَ وتستقذره ولا تأْكله، وأَما الضَّبُّ فإِنهم يَحْرِصُون على صَيْده وأَكله؛ والضَّبُّ أَحْرَشُ الذَّنَب، خَشِنُه، مُفَقَّرُه، ولونُه إِلى الصُّحْمَةِ، وهي غُبْرَة مُشْرَبةٌ سواداً؛ وإِذا سَمِنَ اصفَرَّ صَدْرُه، ولا يأْكل إِلَّا الجَنادِبَ والدَّبى والعُشْبَ، ولا يأكل الهَوامَّ؛ وأَما الوَرَلُ فإِنه يأْكل العقارب، والحيات، والحَرابِيَّ، والخنافس، ولحمه دُرْياق، والنساء يَتَسَمَّنَّ بلحمه.

  وضَبِبَ البلدُ⁣(⁣١)، وأَضَبَّ: كثُرَت ضِبابُه؛ وهو أَحدُ ما جاءَ على الأَصْل من هذا الضرب.

  ويقال: أَضَبَّتْ أَرضُ بني فلانٍ إِذا كثر ضِبابُها.

  وأَرضٌ مُضِبَّةٌ ومُرْبِعةٌ: ذات ضِبابٍ ويَرابِيعَ.

  ابن السكيت: ضَبِبَ البلدُ كثُرَتْ ضِبابُه؛ ذكره في حروف أَظهر فيها التضعيف، وهي متحركة، مثل قَطِطَ شعرُه ومَشِشَتِ الدابةُ وأَلِلَ السِّقاءُ.

  وفي الحديث: أَن أَعرابيّاً أَتى النبيَّ، ، فقال: إِني في غَائطٍ مُضِبَّةٍ.

  قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ في الرواية، بضم الميم وكسر الضاد، والمعروف بفتحهما، وهي أَرْضٌ مَضَبَّة مثل مَأْسَدَة ومَذْأَبة ومَرْبَعَة أَي ذات أُسود وذِئاب ويَرابِيعَ؛ وجمع المَضَبَّة مَضَابُّ.

  فأَما مُضِبَّة: فهو اسم فاعل من أَضَبَّ، كأَغَدَّتْ، فهي مُغِدَّة.

  فإِن صحت الرواية فهي بمعناها.

  قال: ونحوُ هذا البناء الحديثُ الآخر: لم أَزَلْ مُضِبّاً بَعْدُ؛ هو من الضَّبِّ: الغَضَب والحِقْد أَي لم أَزل ذا ضَبٍّ.

  ووقعنا في مَضابَّ مُنْكَرةٍ: وهي قِطَع من الأَرض كثيرةُ الضَّباب، الواحدة مَضَبَّة.

  قال الأَصمعي: سمعت غيرَ واحدٍ من العربِ يقول: خرجنا نصطاد المَضَبَّة أَي نَصيدُ الضِّبابَ، جمعوها على مَفْعَلة، كما يقال للشُّيوخ مَشْيَخة، وللسُّيوف مَسْيَفَةٌ.

  والمُضَبِّبُ: الحارِشُ الذي يَصُبُّ الماء في جُحْرِه حتى يَخرُجَ ليأْخذَه.

  والمُضَبِّبُ: الذي يُؤَتِّي الماءَ إِلى جِحَرة الضِّبَاب حتى يُذْلِقَها فَتَبرُزَ فيَصِيدَها؛ قال الكميت:

  بغَبْيَةِ صَيْفٍ لا يُؤَتِّي نِطافَها ... لِيَبْلُغَها، ما أَخْطَأْتْه، المُضَبِّبُ

  يقول: لا يحتاج المُضَبِّبُ أَن يُؤَتِّي الماءَ إِلى جِحَرتها حتى يستخرج الضِّبابَ ويَصِيدَها، لأَن الماءَ قد كثر، والسيلُ قد عَلَا الزُّبى، فكفاه ذلك.

  وضَبَّبْتُ على الضَّبِّ إِذا حَرَشْتَه، فخرَجَ إِليك مُذَنِّباً، فأَخَذْتَ بذَنَبه.

  والضَّبَّةُ: مَسْكُ الضَّبِّ يُدْبَغُ فيُجْعَلُ فيه السَّمْن.

  وفي المثل: أَعَقُّ من ضَبٍّ، لأَنه ربما أَكل حُسُولَه.

  وقولهم: لا أَفْعَلُه حتى يَحنَّ الضَّبُّ في أَثَر الإِبل الصَّادِرَة، ولا أَفْعَلُه حتى يَرِدَ الضَّبُّ الماءَ؛ لأَن الضبَّ لا يَشْرَبُ الماءَ.

  ومن كلامهم الذي يَضَعُونه على أَلسنة البهائم، قالت السمكةُ: وِرْداً يا ضَبُّ؛ فقال:

  أَصْبَحَ قلبي صَرِدا ... لا يَشْتَهِي أَن يَرِدَا،

  إِلَّا عَراداً عَرِدا ... وصِلِّياناً بَرِدَا

  (⁣٢)، وعَنْكَثاً مُلْتَبِدَا

  والضَّبُّ يكنى أَبا حِسْلٍ؛ والعرب تُشَبِّه كَفَّ


(١) قوله [وضبب البلد] كفرح وكرم اه القاموس.

(٢) قوله [وصلياناً بردا] قال في التكملة تصحيف من القدماء فتبعهم الخلف. والرواية زرداً أي بوزن كتف وهو السريع الازدراد.