لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الخاء المعجمة]

صفحة 217 - الجزء 11

  وبَعْضُ الأَخِلَّاء، عند البَلاءِ ... والرُّزْء، أَرْوَغُ من ثَعْلَب

  وكيف تَواصُلُ من أَصبحت ... خِلالته كأَبي مَرْحَب؟

  أَراد من أَصبحت خَلالته كخَلالة أَبي مَرْحَب.

  وأَبو مَرْحَب: كنية الظِّل، ويقال: هو كنية عُرْقُوب الذي قيل عنه مواعيد عُرْقُوب.

  والخِلال والمُخالَّة: المُصادَقة؛ وقد خالَّ الرجلَ والمرأَةَ مُخالَّة وخلالاً؛ قال امرؤ القيس:

  صَرَفْتُ الهَوى عنهنَّ من خَشْيَة الرَّدى ... ولستُ بِمَقْليِّ الخِلال ولا قالي

  وقوله ø: لا بيعٌ فيه ولا خُلَّة ولا شفاعة، قال الزجاج: يعني يوم القيامة.

  والخُلَّة الصَّداقة، يقال: خالَلْت الرجلَ خِلالاً.

  وقوله تعالى: مِن قَبْلِ أَن يأْتي يوم لا بَيْع فيه ولا خِلال؛ قيل: هو مصدر خالَلْت، وقيل: هو جمع خُلَّة كجُلَّة وجِلال.

  والخِلُّ: الوُدُّ والصَّدِيق.

  وقال اللحياني: إِنه لكريم الخِلِّ والخِلَّة، كلاهما بالكسر، أَي كريم المُصادَقة والمُوادَّة والإِخاءِ؛ وأَما قول الهذلي:

  إنَّ سَلْمى هي المُنى، لو تَراني ... حَبَّذا هي من خُلَّة، لو تُخالي

  إِنما أَراد: لو تُخالِل فلم يستقم له ذلك فأَبدل من اللام الثانية ياء.

  وفي الحديث: إِني أَبرأُ إِلى كل ذي خُلَّة من خُلَّته؛ الخُلَّة، بالضم: الصداقة والمحبة التي تخلَّلت القلب فصارت خِلالَه أَي في باطنه.

  والخَلِيل: الصَّدِيق، فَعِيل بمعنى مُفَاعِل، وقد يكون بمعنى مفعول، قال: وإِنما قال ذلك لأَن خُلَّتَه كانت مقصورة على حب الله تعالى، فليس فيها لغيره مُتَّسَع ولا شَرِكة من مَحابِّ الدنيا والآخرة، وهذه حال شريفة لا ينالها أَحد بكسب ولا اجتهاد، فإِن الطباع غالبة، وإِنما يخص الله بها من يشاء من عباده مثل سيد المرسلين، صلوات الله وسلامه عليهم أَجمعين؛ ومن جعل الخَلِيل مشتقّاً من الخَلَّة، وهي الحاجة والفقر، أَراد إِنني أَبرأُ من الاعتماد والافتقار إِلى أَحد غير الله ø، وفي رواية: أَبرأُ إِلى كل خلّ من خلَّته، بفتح الخاء⁣(⁣١) وكسرها، وهما بمعنى الخُلَّة والخَليل؛ ومنه الحديث: لو كنتُ متخذاً خَلِيلاً لاتَّخَذت أَبا بكر خَلِيلاً، والحديث الآخر: المرء بخَلِيله، أَو قال: على دين خَليله، فليَنْظُر امرؤٌ مَنْ يُخالِل؛ ومنه قول كعب بن زهير:

  يا وَيْحَها خُلَّة لو أَنها صَدَقَتْ ... موعودَها، أَو لو آنَّ النصح مقبول

  والخُلَّة: الصديق، الذكر والأُنثى والواحد والجمع في ذلك سواء، لأَنه في الأَصل مصدر قولك خَليل بَيِّن الخُلَّة والخُلولة؛ وقال أَوْفى بن مَطَر المازني:

  أَلا أَبلغا خُلَّتي جابراً: ... بأَنَّ خَلِيلكَ لم يُقْتَل

  تَخاطَأَتِ النَّبلُ أَحشاءه ... وأَخَّر يَوْمِي فلم يَعْجَل

  قال ومثله:

  أَلا أَبلغا خُلَّتي راشداً ... وصِنْوِي قديما، إِذا ما تَصِل

  وفي حديث حسن العهد: فيُهْديها في خُلَّتها أَي في


(١) قوله [بفتح الخاء الخ] هكذا في الأصل والنهاية، وكتب بهامشها على قوله بفتح الخاء: يعني من خلته.