لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهمزة]

صفحة 27 - الجزء 12

  وقال غيره: كلُّ جِنس من الحيوان غير بني آدم أُمَّةٌ على حِدَة، والأُمَّةُ: الجِيلُ والجِنْسُ من كل حَيّ.

  وفي التنزيل العزيز: وما من دابَّةٍ في الأَرض ولا طائرٍ يَطِيرُ بِجناحَيْه إلَّا أُمَمٌ أَمثالُكم؛ ومعنى قوله إلَّا أُمَمٌ أمثالُكم في مَعْنىً دون مَعْنىً، يُريدُ، والله أعلم، أن الله خَلَقَهم وتَعَبَّدَهُم بما شاء أن يَتَعَبَّدَهُم من تسْبيح وعِبادةٍ عَلِمها منهم ولم يُفَقِّهْنا ذلك.

  وكل جنس من الحيوان أُمَّةٌ.

  وفي الحديث: لولا أنَّ الكِلاب أُمَّةٌ من الأُمَمِ لأَمَرْت بقَتْلِها، ولكن اقْتُلوا منها كل أَسْوَد بَهيم، وورد في رواية: لولا أنها أُمَّةٌ تُسَبِّحُ لأَمَرْت بقَتْلِها؛ يعني بها الكلاب.

  والأُمُّ: كالأُمَّةِ؛ وفي الحديث: إن أَطاعُوهما، يعني أبا بكر وعمر، رَشِدوا ورَشَدت أُمُّهم، وقيل، هو نَقِيضُ قولهم هَوَتْ أُمُّه، في الدُّعاء عليه، وكل مَن كان على دينِ الحَقِّ مُخالفاً لسائر الأَدْيان، فهو أُمَّةٌ وحده.

  وكان إبراهيمُ خليلُ الرحمن، على نبينا و #، أُمَّةً؛ والأُمَّةُ: الرجل الذي لا نظِير له؛ ومنه قوله ø: إن إبراهيم كان أُمَّةً قانِتاً لله؛ وقال أبو عبيدة: كان أُمَّةً أي إماماً.

  أَبو عمرو الشَّيباني: إن العرب تقول للشيخ إذا كان باقِيَ القوّة: فلان بإِمَّةٍ، معناه راجع إلى الخير والنِّعْمة لأَن بَقاء قُوّتِه من أَعظم النِّعْمة، وأصل هذا الباب كله من القَصْد.

  يقال: أَمَمْتُ إليه إذا قَصَدْته، فمعنى الأُمَّة في الدِّينِ أَنَّ مَقْصِدَهم مقْصِد واحد، ومعنى الإِمَّة في النِّعْمة إنما هو الشيء الذي يَقْصِده الخلْق ويَطْلُبونه، ومعنى الأُمَّة في الرجُل المُنْفَرد الذي لا نَظِير له أن قَصْده منفرد من قَصْد سائر الناس؛ قال النابغة:

  وهل يَأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ وهو طائعُ

  ويروي: ذو إمَّةٍ، فمن قال ذو أُمَّةٍ فمعناه ذو دينٍ ومن قال ذو إمَّةٍ فمعناه ذو نِعْمة أُسْدِيَتْ إليه، قال: ومعنى الأُمَّةِ القامة⁣(⁣١).

  سائر مقصد الجسد، وليس يخرج شيء من هذا الباب عن معنى أَمَمْت قَصَدْت.

  وقال الفراء في قوله ø: إن إبراهيم كان أُمَّةً؛ قال: أُمَّةً مُعلِّماً للخَير.

  وجاء رجل إلى عبد الله فسأَله عن الأُمَّةِ، فقال: مُعَلِّمُ الخير، والأُمَّةُ المُعَلِّم.

  ويروى عن النبي، ، أنه قال: يُبْعَث يوم القيامة زيدُ بنُ عمرو بنِ نُفَيْل أُمَّةً على حِدَةٍ، وذلك أَنه كان تَبَرَّأَ من أَدْيان المشركين وآمَن بالله قبل مَبْعَث سيدِنا محمد رسول الله، .

  وفي حديث قُسِّ بن ساعدة: أَنه يُبْعَث يوم القيامة أُمَّةً وحْدَه؛ قال: الأُمَّةُ الرجل المُتَفَرِّد بدينٍ كقوله تعالى: إنَّ إبراهيمَ كان أُمَّةً قانِتاً لله، وقيل: الأُمَّةُ الرجلُ الجامع للخير.

  والأُمَّةُ: الحِينُ.

  قال الفراء في قوله ø: وادَّكَرَ بعد أُمَّةٍ، قال بعد حينٍ من الدَّهْرِ.

  وقال تعالى: ولَئِنْ أَخّرْنا عنهم العَذاب إلى أُمَّةٍ معْدودةٍ.

  وقال ابن القطاع: الأُمَّةُ المُلْك، والأُمة أَتْباعُ الأَنبياء، والأُمّةُ الرجل الجامعُ للخير، والأُمَّةُ الأُمَمُ، والأُمَّةُ الرجل المُنْفَرد بدينه لا يَشْرَكُه فيه أَحدٌ، والأُمَّةُ القامةُ والوجه؛ قال الأَعشى:

  وإنَّ مُعاوية الأَكْرَمِينَ ... بيضُ الوُجوه طِوالُ الأُمَمْ

  أي طِوالُ القاماتِ؛ ومثله قول الشَّمَرْدَل بن شريك اليَرْبوعي:

  طِوال أَنْصِية الأَعْناقِ والأُمَمِ


(١) وقوله [ومعنى الأَمة القامة الخ] هكذا في الأَصل.