[فصل الزاي]
  وتقول: زَعَمَتْ أَني لا أُحبها وزَعَمَتْني لا أُحبها، يجيء في الشعر، فأَما في الكلام فأَحسن ذلك أَن يوقع الزَّعْمُ على أَنَّ دون الاسم.
  والتَّزَعُّمُ: التَّكَذُّبُ؛ وأَنشد:
  أَيها الزَّاعِمُ ما تَزَعَّما
  وتَزاعَمَ القومُ على كذا تَزاعُماً إذا تضافروا عليه، قال: وأَصله أَنا صار بعضهم لبعض زَعِيماً؛ وفي قوله مَزاعِمُ أَي لا يوثق به، قال الأَزهري: الزَّعْمُ إنما هو في الكلام، يقال: أَمر فيه مَزاعِمُ أَي أَمر غير مستقيم فيه منازعة بعدُ.
  قال ابن السكيت: ويقال للأَمر الذي لا يوثق به مَزْعَمٌ أَي يَزْعُمُ هذا أَن كذا ويَزْعُمُ هذا أَنه كذا.
  قال ابن بري: الزَّعْمُ يأْتي في كلام العرب على أَربعة أَوجه، يكون بمعنى الكَفالة والضَّمان؛ شاهده قول عمر بن أَبي ربيعة:
  قلت: كَفِّي لك رَهْنٌ بالرِّضى ... وازْعُمِي يا هندُ، قالت: قد وَجَب
  وازْعُمِي أَي اضمني؛ وقال النابغة(١) يصف نُوحاً:
  نُودِيَ: قُمْ وارْكَبَنْ بأَهْلِكَ إنَّ ... الله مُوفٍ للناس ما زَعَمَا
  زَعَمَ هنا فُسِّرَ بمعنى ضَمِنَ، وبمعنى قال، وبمعنى وعَدَ، ويكون بمعنى الوعْد، قال عمرو بن شَأْسٍ:
  وعاذِلة تَحْشَى الرَّدَى أَن يُصيبَني ... تَرُوحُ وتَغْدُو بالمَلامةِ والقَسَمْ
  تقول: هَلَكْنا، إن هَلكتَ وإنما ... على الله أَرْزاقُ العِباد كما زَعَمْ
  وزَعَمَ هنا بمعنى قال ووعد، وتكون بمعنى القول والذكر؛ قال أَبو زُبَيْدٍ الطائيّ:
  يا لَهْفَ نَفْسِيَ إن كان الذي زَعمُوا ... حَقّاً وما ذا يَرُدّ اليوم تَلْهِيفِي
  إن كان مَغْنَى وُفُودِ الناس راح بِه ... قومٌ إلى جَدَثٍ، في الغار، مَنْجُوفِ؟
  المعنى: إن كان الذي قالوه حقّاً لأَنه سمع من يقول حُمِلَ عثمانُ على النَّعْش إلى قبره؛ قال المُثَقّبُ العبدي:
  وكلامٌ سَيِّءٌ قد وَقِرَتْ ... أُذُني عنه، وما بي من صَمَمْ
  فتصامَمْتُ، لكَيْما لا يَرَى ... جاهلٌ أَنِّي كما كان زَعَمْ
  وقال الجميح:
  أَنتم بَنُو المرأَةِ التي زَعَمَ الناس ... عليها، في الغيّ، ما زَعَمُوا
  ويكون بمعنى الظن؛ قال عُبَيْدُ الله بن عبد الله بن عُتْبَةَ بن مسعود:
  فذُقْ هَجْرَها قد كنتَ تَزْعُمُ أَنه ... رَشادٌ، أَلا يا رُبَّما كذَبَ الزَّعْمُ
  فهذا البيت لا يحتمل سوى الظن، وبيت عمر بن أَبي ربيعة لا يحتمل سوى الضَّمان، وبيت أَبي زُبَيْدٍ لا يحتمل سوى القول، وما سوى ذلك على ما فسر.
  وحكى ابن بري أَيضاً عن ابن خالَوَيْه: الزَّعْمُ يستعمل فيما يُذَمّ كقوله تعالى: زَعَمَ الذين كفروا أَن لن يُبْعَثُوا؛ حتى قال بعض المفسرين: الزَّعْمُ
(١) هو النابغة الجعديّ لا النابغة الذبياني.