[فصل الفاء]
  والقامةُ: جمع قائم؛ عن كراع.
  قال ابن بري |: قد ترتجل العرب لفظة قام بين يدي الجمل فيصير كاللغو؛ ومعنى القِيام العَزْمُ كقول العماني الراجز للرشيد عندما همَّ بأَن يعهد إلى ابنه قاسم:
  قُل للإِمامِ المُقْتَدَى بأَمِّه: ... ما قاسِمٌ دُونَ مَدَى ابنِ أُمِّه،
  فَقَدْ رَضِيناه فَقُمْ فسَمِّه
  أي فاعْزِمْ ونُصَّ عليه؛ وكقول النابغة الذبياني:
  نُبِّئتُ حِصْناً وحَيّاً مِن بَني أَسَدٍ ... قامُوا فقالُوا؛ حِمانا غيرُ مَقْروبِ
  أَي عَزَموا فقالوا؛ وكقول حسان بن ثابت:
  علاما قامَ يَشْتُمُني لَئِيمٌ ... كخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ في رَمادِ(١)
  معناه علام يعزم على شتمي؛ وكقول الآخر:
  لَدَى بابِ هِنْدٍ إذْ تَجَرَّدَ قائما
  ومنه قوله تعالى: وإنه لما قامَ عبد الله يدعوه؛ أي لما عزم.
  وقوله تعالى: إذ قاموا فقالوا ربُّنا ربُّ السماوات والأَرض؛ أي عزَموا فقالوا، قال: وقد يجيء القيام بمعنى المحافظة والإِصلاح؛ ومنه قوله تعالى: الرجال قوّامون على النساء، وقوله تعالى: إلا ما دمت عليه قائماً؛ أي ملازماً محافظاً.
  ويجيء القيام بمعنى الوقوف والثبات.
  يقال للماشي: قف لي أي تحبَّس مكانَك حتى آتيك، وكذلك قُم لي بمعنى قف لي، وعليه فسروا قوله سبحانه: وإذا أَظلم عليهم قاموا؛ قال أهل اللغة والتفسير: قاموا هنا بمعنى وقَفُوا وثبتوا في مكانهم غير متقدّمين ولا متأَخرين، ومنه التَّوَقُّف في الأَمر وهو الوقُوف عنده من غير مُجاوَزة له؛ ومنه الحديث: المؤمن وَقَّافٌ متَأَنّ، وعلى ذلك قول الأَعشى:
  كانت وَصاةٌ وحاجاتٌ لها كَفَفُ ... لَوْ أَنَّ صْحْبَكَ، إذْ نادَيْتَهم، وقَفُوا
  أي ثبتوا ولم يتقدَّموا؛ ومنه قول هُدبة يصف فلاة لا يُهتدى فيها:
  يَظَلُّ بها الهادي يُقلِّبُ طَرْفَه ... يَعَضُّ على إبْهامِه، وهو واقِفُ
  أَي ثابت بمكانه لا يتقدَّم ولا يتأَخر؛ قال: ومنه قول مزاحم:
  أَتَعْرِفُ بالغَرَّيْنِ داراً تَأبَّدَتْ ... منَ الحَيِّ، واستَنَّتْ عَليها العَواصِفُ
  وقَفْتُ بها لا قاضِياً لي لُبانةً ... ولا أَنا عنْها مُسْتَمِرٌّ فَصارِفُ
  قال: فثبت بهذا ما تقدم في تفسير الآية.
  قال: ومنه قامت الدابة إذا وقفت عن السير.
  وقام عندهم الحق أي ثبت ولم يبرح؛ ومنه قولهم: أقام بالمكان هو بمعنى الثبات.
  ويقال: قام الماء إذا ثبت متحيراً لا يجد مَنْفَذاً، وإذا جَمد أيضاً؛ قال: وعليه فسر بيت أبي الطيب:
  وكذا الكَريمُ إذا أَقام بِبَلدةٍ ... سالَ النُّضارُ بها وقام الماء
  أي ثبت متحيراً جامداً.
  وقامَت السُّوق إذا نفَقت، ونامت إذا كسدت.
  وسُوق قائِمة: نافِقة.
  وسُوق نائِمة: كاسِدة.
  وقاوَمْتُه قِواماً: قُمْت معه، صحَّت الواو في قِوام لصحتها في قاوَم.
  والقَوْمةُ: ما بين الركعتين من القِيام.
  قال أَبو الدُّقَيْش: أُصلي الغَداة قَوْمَتَيْنِ، والمغرب ثلاث قَوْمات، وكذلك قال في الصلاة.
(١) قوله [علاما] ثبتت ألف ما في الإِستفهام مجرورة بعلى في الأَصل، وعليها فالجزء موفور وإن كان الأَكثر حذفها حينئذ.