[فصل الغين المعجمة]
  قال ابن عرفة: الغَضَبُ، من المخلوقين، شيءٌ يُداخِل قُلُوبَهم؛ ومنه محمود ومذموم، فالمذموم ما كان في غير الحق، والمحمود ما كان في جانب الدين والحق؛ وأَما غَضَبُ اللَّه فهو إِنكاره على من عصاه، فيعاقبه.
  وقال غيره: المفاعيل، إِذا وَلِيَتْها الصفاتُ، فإِنك تُذَكِّر الصفات وتجمعها وتؤنثها، وتترك المفاعيل على أَحوالها؛ يقال: هو مَغْضُوبٌ عليه، وهي مَغْضُوبٌ عليها.
  وقد تكرر الغضب في الحديث مِن اللَّه ومِن الناس، وهو مِن اللَّه سُخْطُه على مَن عَصاه، وإِعْراضُه عنه، ومعاقبته له.
  ورجلٌ غَضِبٌ، وغَضُوبٌ، وغُضُبٌّ، بغير هاء، وغُضُبَّة وغَضُبَّة؛ بفتح الغين وضمها وتشديد الباء، وغَضْبانُ: يَغْضَبُ سريعاً، وقيل: شديد الغَضَب.
  والأُنثى غَضْبَى وغَضُوبٌ؛ قال الشاعر:
  هَجَرَتْ غَضُوبُ وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ(١)
  والجمع: غِضَابٌ وغَضَابَى، عن ثعلب؛ وغُضابَى مثل سَكْرَى وسُكارى؛ قال:
  فإِنْ كُنْتُ لم أَذكُرْكِ، والقومُ بَعْضُهُمْ ... غُضَابَى على بَعْضٍ، فَما لي وذَائِمُ
  وقال اللحياني: فلانٌ غَضْبانُ إِذا أَردتَ الحالَ، وما هو بغَاضِبٍ عليك أَن تَشْتِمَه.
  قال: وكذلك يقال في هذه الحروف، وما أَشبهها، إِذا أَردتَ افْعَلُ ذاك، إِن كنتَ تُريدُ أَن تفعل.
  ولغة بني أَسد: امرأَةٌ غَضْبَانةٌ ومَلآنة، وأَشباهُها.
  وقد أَغْضَبَه، وغاضَبْتُ الرجلَ أَغْضَبْتُه، وأَغْضَبَنِي، وغَاضَبه: راغَمه.
  وفي التنزيل العزيز: ذا النُّون إِذ ذَهَبَ مُغَاضِباً؛ قيل: مُغاضِباً لربه، وقيل: مُغاضِباً لقومه.
  قال ابن سيده: والأَوَّل أَصَحُّ لأَن العُقُوبة لم تَحِلَّ به إِلَّا لمُغاضَبَتِه رَبَّه؛ وقيل: ذَهَبَ مُراغِماً لقومه.
  وامرأَةٌ غَضُوبٌ أَي عَبُوس.
  وقولهم: غَضَبَ الخَيْلِ على اللُّجُم؛ كَنَوْا بغَضَبِها، عن عَضِّها على اللُّجُم، كأَنها إِنما تَعَضُّها لذلك؛ وقوله أَنشده ثعلب:
  تَغْضَبُ أَحْياناً على اللِّجامِ ... كغَضَبِ النارِ على الضِّرَامِ
  فسره فقال: تَعَضُّ على اللِّجامِ من مَرَحِها، فكأَنها تَغْضَبُ، وجَعَلَ للنار غَضَباً، على الاستعارة، أَيضاً، وإِنما عَنى شِدَّةَ التهابها، كقوله تعالى: سَمِعُوا لها تَغَيُّظاً وزَفيراً؛ أَي صَوْتاً كصَوْتِ المُتَغَيِّظ، واستعاره الراعي للقِدْرِ، فقال:
  إِذا أَحْمَشُوها بالوَقودِ تَغَضَّبَتْ ... على اللَّحْمِ، حتى تَتْرُكَ العَظْمَ بادِيا
  وإِنما يريد: أَنها يَشتَدُّ غَلَيانُها، وتُغَطْمِطُ فيَنضَجُ ما فيها حتى يَنْفَصِلَ اللحمُ من العظم.
  وناقة غَضُوبٌ: عَبُوسٌ، وكذلك غَضْبى؛ قال عنترة:
  يَنْباعُ من ذِفْرى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ ... زَيَّافةٍ مِثلِ الفَنِيقِ المُقْرَمِ
  وقال أَيضاً:
  هِرٌّ جَنِيبٌ، كلَّما عَطَفَتْ له ... غَضْبى، اتَّقاها باليَدَيْنِ وبالفَمِ
  والغَضُوبُ: الحَيَّة الخبيثة.
  والغُضابُ: الجُدَرِيُّ، وقيل: هو داء آخر يَخرُجُ وليس بالجُدَرِيِّ.
(١) قوله [وحب من الخ] ضبط في التكملة حب بفتح الحاء ووضع عليها صح.