لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل النون]

صفحة 581 - الجزء 12

  توحيده؛ هذا قول الزجاج، وأَنْعَمها الله عليه وأَنْعَم بها عليه؛ قال ابن عباس: النِّعمةُ الظاهرةُ الإِسلامُ، والباطنةُ سَتْرُ الذنوب.

  وقوله تعالى: وإذْ تقولُ للذي أَنْعَم الله عليه وأَنْعَمْت عليه أَمْسِكْ عليكَ زوْجَك؛ قال الزجاج: معنى إنْعامِ الله عليه هِدايتُه إلى الإِسلام، ومعنى إنْعام النبي، ، عليه إعْتاقُه إياه من الرِّقِّ.

  وقوله تعالى: وأَمّا بِنِعْمةِ ربِّك فحدِّثْ؛ فسره ثعلب فقال: اذْكُر الإِسلامَ واذكر ما أَبْلاكَ به ربُّك.

  وقوله تعالى: ما أَنتَ بِنِعْمةِ ربِّك بمَجْنونٍ؛ يقول: ما أَنت بإنْعامِ الله عليك وحَمْدِكَ إياه على نِعْمتِه بمجنون.

  وقوله تعالى: يَعْرِفون نِعمةَ الله ثم يُنْكِرونها؛ قال الزجاج: معناه يعرفون أَن أمرَ النبي، ، حقٌّ ثم يُنْكِرون ذلك.

  والنِّعمةُ، بالكسر: اسمٌ من أَنْعَم الله عليه يُنْعِمُ إنعاماً ونِعْمةً، أُقيم الاسمُ مُقامَ الإِنْعام، كقولك: أَنْفَقْتُ عليه إنْفاقاً ونَفَقَةً بمعنى واحد.

  وأَنْعَم: أَفْضل وزاد.

  وفي الحديث: إن أَهلِ الجنة ليَتراؤْنَ أَهلِ عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السماء، وإنَّ أبا بكر وعُمَر منهم وأَنْعَما أي زادا وفَضَلا، ®.

  ويقال: قد أَحْسَنْتَ إليَّ وأَنْعَمْتَ أي زدت عليَّ الإِحسانَ، وقيل: معناه صارا إلى النعيم ودخَلا فيه كما يقال أَشْمَلَ إذا ذخل في الشِّمالِ، ومعنى قولهم: أَنْعَمْتَ على فلانٍ أي أَصَرْتَ إليه نِعْمةً.

  وتقول: أَنْعَم الله عليك، من النِّعْمة.

  وأَنْعَمَ الله صَباحَك، من النُّعُومةِ.

  وقولهُم: عِمْ صباحاً كلمةُ تحيّةٍ، كأَنه محذوف من نَعِم يَنْعِم، بالكسر، كما تقول: كُلْ من أَكلَ يأْكلُ، فحذف منه الأَلف والنونَ استخفافاً.

  ونَعِمَ الله بك عَيْناً، ونَعَم، ونَعِمَك الله عَيْناً، وأَنْعَم الله بك عَيْناً: أَقرَّ بك عينَ من تحبّه، وفي الصحاح: أي أَقرَّ الله عينَك بمن تحبُّه؛ أَنشد ثعلب:

  أَنْعَم الله بالرسولِ وبالمُرْسِلِ ... والحاملِ الرسالَة عَيْنا

  الرسولُ هنا: الرسالةُ، ولا يكون الرسولَ لأَنه قد قال والحامل الرسالة، وحاملُ الرسالةِ هو الرسولُ، فإن لم يُقَل هذا دخل في القسمة تداخُلٌ، وهو عيب.

  قال الجوهري: ونَعِمَ الله بكَ عَيْناً نُعْمةً مثل نَزِه نُزْهةً.

  وفي حديث مطرّف: لا تقُلْ نَعِمَ الله بكَ عَيْناً فإن الله لا يَنْعَم بأَحدٍ عَيْناً، ولكن قال أَنْعَمَ الله بك عَيْناً؛ قال الزمخشري: الذي منَع منه مُطرّفٌ صحيحٌ فصيحٌ في كلامهم، وعَيْناً نصبٌ على التمييز من الكاف، والباء للتعدية، والمعنى نَعَّمَكَ الله عَيْناً أي نَعَّم عينَك وأَقَرَّها، وقد يحذفون الجارّ ويُوصِلون الفعل فيقولون نَعِمَك الله عَيْناً، وأَمَّا أَنْعَمَ الله بك عَيْناً فالباء فيه زائدة لأَن الهمزة كافية في التعدية، تقول: نَعِمَ زيدٌ عيناً وأَنْعَمه الله عيناً، ويجوز أَن يكون من أَنْعَمَ إذا دخل في النَّعيم فيُعدَّى بالباء، قال: ولعل مُطرِّفاً خُيِّلَ إليه أَنَّ انتصاب المميِّز في هذا الكلام عن الفاعل فاستعظمه، تعالى الله أن يوصف بالحواس علوّاً كبيراً، كما يقولون نَعِمْتُ بهذا الأَمرِ عَيْناً، والباء للتعدية، فحَسِبَ أن الأَمر في نَعِمَ الله بك عيناً كذلك، ونزلوا منزلاً يَنْعِمُهم ويَنْعَمُهم بمعنى واحد؛ عن ثعلب، أي يُقِرُّ أَعْيُنَهم ويَحْمَدونه، وزاد اللحياني: ويَنْعُمُهم عيناً، وزاد الأَزهري: ويُنْعمُهم، وقال أَربع لغات.

  ونُعْمةُ العين: قُرَّتُها، والعرب تقول: نَعْمَ ونُعْمَ عينٍ ونُعْمةَ عينٍ ونَعْمةَ عينٍ ونِعْمةَ عينٍ ونُعْمى عينٍ ونَعامَ عينٍ ونُعامَ عينٍ ونَعامةَ عينٍ ونَعِيمَ عينٍ ونُعامى عينٍ