[فصل النون]
  وقال: هكذا ذكره ابن خالويه وأَبو محمد الأَسود، وقال: ابنُ النَّعامة فرس خُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسي، والنعامة أُمُّه فرس الحرث بن عَبَّاد، قال: وتروى الأَبيات أَيضا لعنترة، قال: والنَّعامة خَطٍّ في باطن الرِّجْل، ورأَيت أبا الفرج الأَصبهاني قد شرح هذا البيت في كتابه(١)، وإن لم يكن الغرض في هذا الكتاب النقل عنه لكنه أَقرب إلى الصحة لأَنه قال: إن نهاية غرض الرجال منكِ إذا أَخذوك الكُحْل والخِضابُ للتمتع بك، ومتى أَخذوك أَنت حملوك على الرحل والقَعود وأَسَروني أَنا، فيكون القَعود مَرْكَبك ويكون ابن النعامة مَرْكَبي أَنا، وقال: ابنُ النَّعامة رِجْلاه أو ظلُّه الذي يمشي فيه، وهذا أَقرب إلى التفسير من كونه يصف المرأَة برُكوب القَعود ويصف نفسه بركوب الفرس، اللهم إلا أَن يكون راكب الفرس منهزماً مولياً هارباً، وليس في ذلك من الفخر ما يقوله عن نفسه، فأَيُّ حالة أَسوأُ من إسلام حليلته وهرَبه عنها راكباً أو راجلاً؟ فكونُه يَسْتَهوِل أَخْذَها وحملَها وأَسْرَه هو ومشيَه هو الأَمر الذي يَحْذَرُه ويَسْتهوِله.
  والنَّعَم: واحد الأَنعْام وهي المال الراعية؛ قال ابن سيده: النَّعَم الإِبل والشاء، يذكر ويؤنث، والنَّعْم لغة فيه؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:
  وأَشْطانُ النَّعامِ مُرَكَّزاتٌ ... وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلول
  والجمع أَنعامٌ، وأَناعيمُ جمع الجمع؛ قال ذو الرمة:
  دانى له القيدُ في دَيْمومةٍ قُذُفٍ ... قَيْنَيْه، وانْحَسَرَتْ عنه الأَناعِيمُ
  وقال ابن الأَعرابي: النعم الإِبل خاصة، والأَنعام الإِبل والبقر والغنم.
  وقوله تعالى: فجَزاءٌ مثْلُ ما قَتَلَ من النَّعَم يحكم به ذَوَا عَدْلٍ منكم؛ قال: ينظر إلى الذي قُتل ما هو فتؤخذ قيمته دارهم فيُتصدق بها؛ قال الأَزهري: دخل في النعم ههنا الإِبلُ والبقرُ والغنم.
  وقوله ø: والذين كفروا يتمتعون ويأْكلون كما تأْكل الأَنْعامُ؛ قال ثعلب: لا يذكرون الله تعالى على طعامهم ولا يُسمُّون كما أَن الأَنْعام لا تفعل ذلك، وأما قول الله ø: وإنَّ لكم في الأَنعام لَعِبْرةً نُسْقِيكم مما في بطونه؛ فإن الفراء قال: الأَنْعام ههنا بمعنى النَّعَم، والنَّعَم تذكر وتؤنث، ولذلك قال الله ø: مما في بطونه، وقال في موضع آخر: مما في بطونها، وقال الفراء: النَّعَم ذكر لا يؤَنث، ويجمع على نُعْمانٍ مثل حَمَل وحُمْلانٍ، والعرب إذا أَفردت النَّعَم لم يريدوا بها إلا الإِبل، فإذا قالوا الأَنعام أَرادوا بها الإِبل والبقر والغنم، قال الله ø: ومن الأَنْعام حَمولةً وفَرْشاً كلوا مما رزقكم الله(٢) ثم قال: ثمانية أَزواج؛ أي خلق منها ثمانية أَزواج، وكان الكسائي يقول في قوله تعالى: نسقيكم مما في بطونه؛ قال: أَراد في بطون ما ذكرنا؛ ومثله قوله:
  مِثْل الفراخ نُتِفَتْ حَواصِلُه
  أي حواصل ما ذكرنا؛ وقال آخر في تذكير النَّعَم:
  في كلّ عامٍ نَعَمٌ يَحْوونَه ... يُلْقِحُه قَوْمٌ ويَنْتِجونَه
  ومن العرب من يقول للإِبل إذا ذُكِرت(٣) الأَنعام والأَناعيم.
  والنُّعامى، بالضم على فُعالى: من أَسماء ريح الجنوب لأَنها أَبلُّ الرياح وأَرْطَبُها؛ قال أَبو ذؤيب:
(١) قوله [في كتابه] هو الأَغاني كما بهامش الأَصل.
(٢) الآية.
(٣) قوله [إذا ذكرت] الذي في التهذيب: كثرت.