لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهاء]

صفحة 618 - الجزء 12

  نجد فإِنهم يُجْرونه مُجْرَى قولك رُدَّ، يقولون للواحد هَلُمَّ كقولك رُدَّ، وللاثنين هَلُمَّا كقولك رُدَّا، وللجمع هَلمُّوا كقولك رُدُّوا، وللأُنثى هَلُمِّي كقولك رُدِّي، وللثِّنْتَينِ كالاثْنَيْنِ، ولجماعة النساء هَلْمُمْنَ كقولك ارْدُدْنَ، والأَوَّل أَفصَح.

  قال الأَزهري: فُتحت هَلُمَّ أَنها مُدْغَمة كما فُتحت رُدَّ في الأَمر فلا يجوز فيها هَلُمُّ، بالضم، كما يجوز رُدُّ لأَنها لا تتصرَّف، قال: ومعنى قوله تعالى: هَلُمَّ شُهداءكم، أَي هاتوا شُهداءكم وقَرِّبوا شهداءكم.

  الجوهري: هَلُمَّ يا رجل، بفتح الميم، بمعنى تعال؛ قال الخليل: أَصله لُمّ من قولهم لَمَّ الله شَعْثه أَي جمعه، كأَنه أَراد لُمَّ نَفْسَك إِلينا أَي اقْرُب، وها للتنبيه، وإِنما حذفت أَلِفُها لكثرة الاستعمال وجُعِلا اسماً واحداً، قال ابن سيده: زعم الخليل أَنها لُمَّ لَحِقتها الهاء للتنبيه في اللغتين جميعاً، قال ولا تدخل النون الخفيفة ولا الثقيلةُ عليها، لأَنها ليست بفعل وإِنما هي اسمٌ للفعل، يريد أَن النون الثقيلة إِنما تدخلُ الأَفعال دون الأَسماء، وأَما في لغة بني تميم فتدخلها الخفيفةُ والثقيلة لأَنهم قد أَجْرَوْها مُجْرَى الفعل، ولها تعليلٌ.

  الأَزهري: هَلُمَّ بمعنى أَعْطِ، يَدُلّ عليه ما رُوِي عن عائشة، ^، أَن النبي، ، كان يأْتيها فيقول: هل من شيءٍ؟ فتقول: لا، فيقول: إِني صائِمٌ؛ قالت: ثم أَتاني يوماً فقال: هل من شيء؟ قلت: حَيْسَةٌ، فقال: هَلُمِّيها أَي هاتِيها أَعْطِينيها.

  وقال الليث: هَلُمَّ كلمةُ دَعْوةٍ إِلى شيءٍ، الواحدُ والاثنان والجمع والتأْنيث والتذكير سواءٌ، إلَّا في لغة بني سَعْدٍ فإِنهم يحملونه على تصريف الفعل، تقول هَلُمَّ هَلُمَّا هَلُمُّوا، ونحو ذلك قال ابن السكيت، قال: وإِذا قال: هَلُمَّ إِلى كذا، قلت: إِلامَ أَهَلُمُّ؟ وإِذا قال لك هَلُمَّ كذا وكذا، قلت: لا أَهَلُمُّه، بفتح الأَلف والهاء، أَي لا أُعْطيكَه.

  وروى أَبو هريرة عن النبي، ، قال: ليُذادَنَّ رجالٌ عن حَوْضي فأُناديهم أَلا هَلُمَّ أَلا هَلُمَّ فيقال: إِنهم قد بَدَّلوا، فأَقول فسُحْقاً قال اللحياني: ومن العرب من يقول هَلَمَّ، فينصب اللام، قال: ومن قال هَلُمِّي وهَلُمُّوا فكذلك قال ابن سيده، ولست من الأَخيرة على ثِقَةٍ، وقد هَلْمَمْتُ فماذا.

  وهَلْمَمْتُ بالرجل: قلتُ له هَلُمَّ.

  قال ابن جني: هَلْمَمْتُ كصَعْرَرْتَ وشَملَلْتَ، وأَصله قبْلُ غيرُ هذا، إِنما هو أَوَّلُ ها للتنبيه لَحِقَت مثل اللام، وخُلِطت ها بلُمَّ توكيداً للمعنى بشدة الاتصال، فحذفت الأَلف لذلك، ولأَنَّ لامَ لُمَّ في الأَصل ساكنةٌ، أَلا ترى أَن تقديرها أَوَّلُ أُلْمَمْ، وكذلك يقولها أَهل الحجاز، ثم زال هذا كله بقولهم هَلْمَمْتُ فصارت كأَنها فَعْلَلْت من لفظ الهِلِمَّان، وتنُوسِيَت حالُ التركيب.

  وحكى اللحياني: من كان عنده شيء فلْيُهَلِمَّه أَي فليُؤْتِه.

  قال الأَزهري: ورأَيت من العرب مَن يدعو الرجل إِلى طعامه فيقول: هَلُمَّ لك، ومثله قوله ø: هَيْتَ لك؛ قال المبرَّد: بنو تميم يجعلون هَلُمَّ فِعلاً صحيحاً ويجعلون الهاء زائدة فيقولون هَلُمَّ يا رجل، وللاثنين هَلُمَّا، وللجمع هَلُمُّوا، وللنساء هَلْمُمْنَ لأَن المعنى الْمُمْنَ، والهاء زائدة، قال: ومعنى هَلُمَّ زيداً هاتِ زيداً.

  وقال ابن الأَنباري: يقال للنساء هَلُمْنِ وهَلْمُمْنَ.

  وحكى أَبو مرو عن العرب: هَلُمِّينَ يا نِسوة، قال: والحجةُ لأَصحاب هذه اللغة أَن أَصل هَلُمَّ التصرفُ من أَمَمْتُ أَؤمُّ أَمّاً، فَعمِلوا على الأَصل ولم يلتفتوا إِلى الزيادة، وإِذا قال الرجل للرجل هَلُمَّ، فأَراد أَن يقول لا أَفعل، قال: لا