[فصل الجيم]
  قال الرِّياشي في معنى بيت ابن أَحمر: قوله أَوَدُّ مَسّاً أَي أَسهل لك، يقول: إذا نزلت المدينة فهو خيرٌ لك من جِوار أَقارِبك، وقد أَورد بعضهم هذا البيت شاهداً للجَنان السِّتْر؛ ابن الأَعرابي: جنَانُهم جماعتُهم وسَوادُهم، وجَنانُ الناس دَهْماؤُهم؛ أَبو عمرو: جَنانُهم ما سَتَرك من شيء، يقول: أَكون بين المسلمين خيرٌ لي، قال: وأَسْلَمُ وغفار خيرُ الناس جِواراً؛ وقال الراعي يصف العَيْرَ:
  وهابَ جَنانَ مَسْحورٍ تردَّى ... به الحَلْفاء، وأْتَزَر ائْتِزارا
  قال: جنانه عينه وما واراه.
  والجِنُّ: ولدُ الجانّ.
  ابن سيده: الجِنُّ نوعٌ من العالَم سمُّوا بذلك لاجْتِنانِهم عن الأَبصار ولأَنهم اسْتَجَنُّوا من الناس فلا يُرَوْن، والجمع جِنانٌ، وهم الجِنَّة.
  وفي التنزيل العزيز: ولقد عَلِمَت الجِنَّةُ إنهم لَمُحْضَرُون؛ قالوا: الجِنَّةُ ههنا الملائكةُ عند قوم من العرب، وقال الفراء في قوله تعالى: وجعلوا بينَه وبين الجِنَّةِ نَسَباً، قال: يقال الجِنَّةُ ههنا الملائكة، يقول: جعلوا بين الله وبين خَلْقِه نَسَباً فقالوا الملائكةُ بناتُ الله، ولقد عَلِمَت الجِنَّةُ أَن الذين قالوا هذا القولَ مُحْضَرون في النار.
  والجِنِّيُّ: منسوبٌ إلى الجِنِّ أَو الجِنَّةِ.
  والجِنَّةُ: الجِنُّ؛ ومنه قوله تعالى: من الجِنَّةِ والناسِ أَجمعين؛ قال الزجاج: التأْويلُ عندي قوله تعالى: قل أَعوذ بربّ الناسِ ملِك الناسِ إله الناس من شَرِّ الوسواس الخَنَّاس الذي يُوَسْوِسُ في صدور الناس من الجِنَّةِ، الذي هو من الجِن، والناس معطوف على الوَسْوَاس، المعنى من شر الوسواس ومن شر الناس.
  الجوهري: الجِنُّ خلاف الإِنسِ، والواحد جنِّيٌّ، سميت بذلك لأَنها تخفى ولا تُرَى.
  جُنَّ الرجلُ جُنوناً وأَجنَّه الله، فهو مجنونٌ، ولا تقل مُجَنٌّ؛ وأَنشد ابن بري:
  رأَت نِضْوَ أَسْفار أُمَيَّةُ شاحِباً ... على نِضْوِ أَسْفارٍ، فَجُنَّ جُنونُها،
  فقالت: من أَيِّ الناسِ أَنتَ ومَن تكن؟ ... فإِنك مَوْلى أُسْرةٍ لا يَدِينُها
  وقال مُدرك بن حُصين:
  كأَنَّ سُهَيْلاً رامَها، وكأَنها ... حَليلةُ وخْمٍ جُنَّ منه جُنونها
  وقوله:
  ويَحَكِ يا جِنِّيَّ، هل بَدا لكِ ... أَن تَرْجِعِي عَقْلي، فقد أَنَى لكِ؟
  إنما أَراد مَرْأَة كالجِنِّيَّة إمَّا في جمالها، وإما في تلَوُّنِها وابتِدالها؛ ولا تكون الجِنِّيَّة هنا منسوبةً إلى الجِنِّ الذي هو خلاف الإِنس حقيقة، لأَن هذا الشاعر المتغزِّلَ بها إنْسيٌّ، والإِنسيُّ لا يَتعشَّقُ جنِّيَّة؛ وقول بدر بن عامر:
  ولقد نطَقْتُ قَوافِياً إنْسِيّةً ... ولقد نَطقْتُ قَوافِيَ التَّجْنينِ
  أَراد بالإِنْسِيَّة التي تقولها الإِنْسُ، وأَراد بالتَّجْنينِ ما تقولُه الجِنُّ؛ وقال السكري: أَراد الغريبَ الوَحْشِيّ.
  الليث: الجِنَّةُ الجُنونُ أَيضاً.
  وفي التنزيل العزيز: أَمْ به جِنَّةٌ؛ والاسمُ والمصدرُ على صورة واحدة، ويقال: به جِنَّةٌ وجنونٌ ومَجَنَّة؛ وأَنشد:
  من الدَّارِميّينَ الذين دِماؤُهم ... شِفاءٌ من الداءِ المَجَنَّة والخَبْل
  والجِنَّةُ: طائفُ الجِنِّ، وقد جُنَّ جَنّاً وجُنوناً واسْتُجِنَّ؛ قال مُلَيح الهُذَليّ: