[فصل الخاء المعجمة]
  ولكن كونوا على مَخَنَّتِه أَي طريقته، وذلك أَن الأَحْنَف تكلم فيها بكلمات، وقال أَبياتاً يلومها فيها في وقعة الجمل؛ منها:
  فلو كانتِ الأَكْنانُ دُونَكِ ... لم يَجِدْ عَليكِ مَقَالاً ذو أَداةٍ يَقُولُها
  فبلغها كلامُه وشِعْرُه فقالت: أَلِي كان يَسْتَجِمُّ مَثابَةَ سَفَهِه؟ وما للأَحْنفِ والعربية، وإنما هم عُلُوجٌ لآلِ عُبَيْدِ الله سَكنوا الرِّيفَ، إلى الله أَشكو عقوقَ أَبنائي؛ ثم قالت:
  بُنَيَّ اتَّعِظْ، إنَّ المَواعِظَ سَهْلةٌ ... ويُوشِكُ أَن تَكْتانَ وَعْراً سَبيلُها.
  ولا تَنْسَينْ في الله حَقَّ أُمُومَتي ... فإِنك أَوْلى الناسِ أَن لا تَقُولُها
  ولا تَنْطِقَنْ في أُمَّةٍ ليَ بالخَنا ... حَنِيفيَّة، قد كان بَعْلي رَسْولُها
  خون: المَخانَةُ: خَوْنُ النُّصْحِ وخَوْنُ الوُدِّ، والخَوْنُ على محن شَتَّى(١).
  وفي الحديث: المُؤْمِنُ يُطْبَع على كلِّ خُلُقٍ إلا الخِيانَةَ والكَذِب.
  ابن سيده: الخَوْنُ أَن يُؤْتَمن الإِنسانُ فلا يَنْصَحَ، خانه يَخُونُه خَوْناً وخِيانةً وخانَةً ومَخانَةً؛ وفي حديث عائشة، ^، وقد تمثلت ببيت لبيد بن ربيعة:
  يتَحَدَّثونَ مَخانَةً ومَلاذَةً ... ويُعابُ قائلُهم، وإن لم يَشْغَبِ
  المَخانة: مصدر من الخيانة، والميم زائدة، وقد ذكره أَبو موسى في الجيم من المُجُونِ، فتكون الميم أَصلية، وخانَه واخْتانه.
  وفي التنزيل العزيز: علم الله أَنكم كنتم تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُم؛ أَي بعضُكم بعضاً.
  ورجل خائنٌ وخائنة أَيضاً، والهاء للمبالغة، مثل عَلَّامة ونَسّابة؛ وأَنشد أَبو عبيد للكلابي يخاطب قُرَيْناً أَخا عُمَيْرٍ الحَنَفِيِّ، وكان له عنده دم:
  أَقُرَيْنُ، إنك لو رأَيْتَ فَوارِسِي ... نَعَماً يَبِتْنَ إلى جَوانِبِ صَلْقَعِ
  (٢) حَدَّثْتَ نَفْسَكَ بالوَفاءِ، ولم تَكُنْ ... للغَدْرِ خائِنةً مُغِلَّ الإِصْبَعِ
  وخَؤُونٌ وخَوَّانٌ، والجمع خانةٌ وخَوَنةٌ؛ الأَخيرة شاذة؛ قال ابن سيده: ولم يأْت شيء من هذا في الياء، أَعني لم يجئ مثل سائر وسَيَرة، قال: وإنما شذ من هذا ما عينه واو لا ياء.
  وقومٌ خَوَنةٌ كما قالوا حَوَكَة، وقد تقدم ذكر وجه ثبوت الواو، وخُوَّانٌ، وقد خانه العَهْدَ والأَمانةَ؛ قال: فقالَ مُجِيباً:
  والذي حَجَّ حاتِمٌ ... أَخُونُكَ عهداً، إنني غَيرُ خَوَّانِ
  وخَوَّنَ الرجلَ: نَسَبه إلى الخَوْنِ.
  وفي الحديث: نهى أَن يَطْرُق الرجلُ أَهلَه ليلاً لئلا يَتَخَوَّنهم أَي يَطْلُبَ خِيانتَهم وعَثَراتِهم ويَتَّهِمَهُمْ.
  وخانه سيفُه: نَبا، كقوله: السيفُ أَخوك وربما خانَكَ.
  وخانه الدَّهْرُ: غَيَّرَ حالَه من اللِّين إلى الشدة؛ قال الأَعشى:
  وخانَ الزمانُ أَبا مالِكٍ ... وأَيُّ امرئٍ لم يخُنْه الزّمَنْ؟
  وكذلك تَخَوَّنه.
  التهذيب: خانه الدهرُ والنعيمُ خَوْناً، وهو تغير حاله إلى شرٍّ منها، وإذا نَبا سيفُك عن الضَّريبة فقد خانك.
  وسئل بعضهم عن السيف فقال: أَخوك وربما خانك.
  وكلُّ ما غيَّرك عن حالك فقد تَخَوَّنَك؛ وأَنشد لذي الرمة:
(١) قوله [على محن شتى] كذا بالأَصل بالتهذيب.
(٢) قوله [صلقع] هكذا في الأَصل.