لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الدال المهملة]

صفحة 150 - الجزء 13

  تأْتي السماء بدُخان مبين؛ أَي بِجَدْب بَيّن.

  يقال: إن الجائعَ كان يَرَى بينه وبين السماء دخاناً من شدّة الجوع، ويقال: بل قيل للجوع دُخان ليُبْس الأَرض في الجَدْب وارتفاع الغُبار، فشبه غُبْرتها بالدخان؛ ومنه قيل لسنة المَجاعة: غَبْراء، وجوع أَغْبَر.

  وربما وضعت العرب الدُّخان موضع الشرّ إذا علا فيقولون: كان بيننا أَمر ارْتفَعَ له دخان، وقد قيل: إن الدخان قد مضى.

  والدُّخْنة: كالذَّريرة يُدخَّن بها البيوتُ.

  وفي المحكم: الدُّخنة بَخُور يُدَخَّن به الثيابُ أَو البيت، وقد تَدَخَّن بها ودَخَّن غيرَه؛ قال:

  آلَيْت لا أَدْفِن قَتْلاكُمُ ... فَدَخِّنوا المَرْءَ وسِرْباله.

  والدَّواخِن: الكُوَى التي تتخذ على الأَتُّونات والمَقالِي.

  التهذيب: الداخِنة كُوىً فيها إِرْدَبَّات تتخذ على المقالي والأَتُّونات؛ وأَنشد⁣(⁣١).

  كمِثْل الدَّواخِن فَوْقَ الإِرينا

  ودَخَن الغُبارُ دُخوناً: سطع وارتفع؛ ومنه قول الشاعر:

  اسْتَلْحَمَ الوَحْشَ على أَكْسائِها ... أَهْوجُ مِحضيرٌ، إذا النَّقْعُ دَخَنْ

  أَي سطع.

  والدَّخَن: الكُدُورة إلى السواد.

  والدُّخْنة من لون الأَدْخَن: كُدْرة في سواد كالدُّخان دَخِن دَخَناً، وهو أَدْخَن.

  وكبش أَدْخَن وشاة دَخْناء بينة الدَّخَن؛ قال رؤبة:

  مَرْتٌ كظَهْر الصَّرْصَران الأَدْخَنِ

  قال: صَرْصَران سمك بحريّ.

  وليلة دَخْنانة: شديدة الحرّ والغمّ.

  ويوم دَخْنانٌ: سَخْنانٌ.

  والدَّخَن: الحِقْد.

  وفي الحديث: أَنه ذكر فتْنَةً فقال: دَخَنُها من تَحْت قَدَمَيْ رجل من أَهل بيتي؛ يعني ظهورها وإثارتها، شبهها بالدخان المرتفع.

  والدَّخَن، بالتحريك: مصدر دَخِنَت النار تَدْخَن إذا أُلْقِي عليها حطب رَطْب وكثُر دخانها.

  وفي حديث الفتنة: هُدْنةٌ على دَخَنٍ وجماعةٌ على أَقْذاء؛ قال أَبو عبيد: قوله هُدْنة على دَخَن تفسيره في الحديث لا ترجع قلوبُ قوم على ما كانت عليه أَي لا يَصْفو بعضُها لبعض ولا ينْصَعُ حُبّها كالكدورة التي في لون الدابَّة، وقيل: هُدْنة على دَخَن أَي سكون لِعلَّة لا للصلح؛ قال ابن الأَثير: شبهها بدخان الحَطب الرَّطْب لما بينهم من الفساد الباطن تحت الصَّلاح الظاهر، وأَصل الدَّخَن أَن يكون في لَوْن الدابة أَو الثوب كُدْرة إلى سواد؛ قال المعطَّل الهذلي يصف سيفاً:

  لَيْنٌ حُسامٌ لا يُلِيقُ ضَرِيبةً ... في مَتْنه دَخَنٌ وأَثْرٌ أَحلَسُ

  قوله: دَخَن يعني كُدورة إلى السواد؛ قال: ولا أَحسبه إلا من الدُّخان، وهذا شبيه بلون الحديد، قال: فوجْهه أَنه يقول تكون القلوب هكذا لا يَصْفو بعضُها لبعض ولا يَنْصَع حُبها كما كانت، وإن لم تكن فيهم فتنة، وقيل: الدَّخَن فِرِنْدُ السيف في قول الهذلي.

  وقال شمر: يقال للرجُل إذا كان خبيث الخُلُق إنه لدَخِن الخُلُق؛ وقال قَعْنَب:

  وقد عَلِمْتُ على أَنِي أُعاشِرُهم ... لا نَفْتأُ الدَّهْرَ إلَّا بيننا دَخَنُ

  ودَخِن خُلُقُه دَخَناً، فهو دَخِن وداخِن: ساءَ وفسَد وخَبُث.

  ورجل دَخِن الحسَبَ والدِّين


(١) قوله [وأَنشد إلخ] الذي في التكملة: وأَنشد لكعب بن زهير: يثرن الغبار على وجهه كلون الدواخن.