لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الدال المهملة]

صفحة 165 - الجزء 13

  سيبويه: هو على المثل كما قالوا إنه لصُلْبُ القناة وإنه لمن شجرة صالحة، قال: ولا يستعمل مرفوعاً في حال الإِضافة.

  وأَما قوله تعالى: وإنا منا الصالحون ومنا دُون ذلك؛ فإِنه أَراد ومنا قوم دون ذلك فحذف الموصوف.

  وثوب دُونٌ: رَدِيٌّ.

  ورجل دُونٌ: ليس بلاحق.

  وهو من دُونِ الناسِ والمتاعِ أَي من مُقارِبِهِما.

  غيره: ويقال هذا رجل من دُونٍ، ولا يقال رجلٌ دونٌ، لم يتكلموا به ولم يقولوا فيه ما أَدْوَنَه، ولم يُصَرَّف فعلُه كما يقال رجل نَذْلٌ بيِّنُ النَّذَالة.

  وفي القرآن العزيز: ومنهم دونَ ذلك، بالنصب والموضع موضع رفع، وذلك أَن العادة في دون أَن يكون ظرفاً ولذلك نصبوه.

  وقال ابن الأَعرابي: التَّدَوُّنُ الغنَى التام.

  اللحياني: يقال رضيت من فلان بمَقْصِر أَي بأَمر دُونَ ذلك.

  ويقال: أَكثر كلام العرب أَنت رجل من دُونٍ وهذا شيء من دُونٍ، يقولونها مع مِن.

  ويقال: لولا أَنك من دُونٍ لم تَرْضَ بذا، وقد يقال بغير من.

  ابن سيده: وقال اللحياني أَيضاً رضيت من فلان بأَمر من دُونٍ، وقال ابن جني: في شيءٍ دُونٍ، ذكره في كتابه الموسوم بالمعرب، وكذلك أَقَلُّ الأَمرين وأَدْوَنُهما، فاستعمل منه أَفعل وهذا بعيد، لأَنه ليس له فِعْلٌ فتكون هذه الصيغة مبنية منه، وإنما تصاغ هذه الصيغة من الأَفعال كقولك أَوْضَعُ منه وأَرْفَعُ منه، غير أَنه قد جاء من هذا شيء ذكره سيبويه وذلك قولهم: أَحْنَكُ الشاتَيْنِ وأَحْنَكُ البعيرين، كما قالوا: آكَلُ الشاتَيْنِ كأَنهم قالوا حَنَك ونحو ذلك، فإِنما جاؤُوا بأَفعل على نحو هذا ولم يتكلموا بالفعل، وقالوا: آبَلُ الناس، بمنزلة آبَلُ منه لأَن ما جاز فيه أَفعل جاز فيه هذا، وما لم يجز فيه ذلك لم يجز فيه هذا، وهذه الأَشياء التي ليس لها فعل ليس القياس أَن يقال فيها أَفعل منه ونحو ذلك.

  وقد قالوا: فلان آبَلُ منه كما قالوا أَحْنَكُ الشاتين.

  الليث: يقال زيدٌ دُونَك أَي هو أَحسن منك في الحَسَب، وكذلك الدُّونُ يكون صفة ويكون نعتاً على هذا المعنى ولا يشتق منه فعل.

  ابن سيده: وادْنُ دُونَك أَي قريباً⁣(⁣١).

  قال جرير:

  أَعَيّاشُ، قد ذاقَ القُيونُ مَراسَتي ... وأَوقدتُ ناري، فادْنُ دونك فاصطلي

  قال: ودون بمعنى خلف وقدّام.

  ودُونك الشيءَ ودونك به أَي خذه.

  ويقال في الإِغراء بالشيء: دُونَكه.

  قالت تميم للحجاج: أَقْبِرْنا صالحاً، وقد كان صَلَبه، فقال: دُونَكُموه.

  التهذيب: ابن الأَعرابي يقال ادْنُ دُونك أَي اقترِبْ؛ قال لبيد:

  مِثْل الذي بالغَيْلِ يَغْزُو مُخْمَداً ... يَزْدادُ قُرْباً دُونه أَن يُوعَدا

  مُخْمد: ساكن قد وَطَّن نفسه على الأَمر؛ يقول: لا يَرُدُّه الوعيدُ فهو يتقدَّم أَمامه يَغشى الزَّجْرَ؛ وقال زهير بن خَبَّاب:

  وإن عِفْتَ هذا، فادْنُ دونك، إنني ... قليلُ الغِرار، والشَّرِيجُ شِعاري

  الغِرار: النوم، والشريج: القوس؛ وقول الشاعر:

  تُريكَ القَذى من دُونها، وهي دُونه ... إذا ذاقَها من ذاقَها يَتَمَطَّقُ

  فسره فقال: تُريك هذه الخمرُ من دونها أَي من ورائها، والخمر دون القذى إليك، وليس ثم قذًى ولكن هذا تشبيه؛ يقول: لو كان أَسفلها قذى لرأَيته.

  وقال بعض النحويين: لدُونَ تسعة معانٍ: تكون بمعنى قَبْل وبمعنى أَمامَ وبمعنى وراء وبمعنى تحت وبمعنى فوق وبمعنى الساقط من الناس وغيرهم وبمعنى الشريف


(١) قوله [أي قريباً] عبارة القاموس: أي اقترب مني.