لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل اللام]

صفحة 382 - الجزء 13

  يعرف كيف يُغَنيه.

  وقد لَحَّنَ في قراءته إِذا طَرَّب بها.

  واللَّحْنُ الذي هو الفِطْنة يقال منه لَحَنْتُ لَحْناً إِذا فَهِمته وفَطِنته، فَلَحَنَ هو عني لَحْناً أَي فَهمَ وفَطِنَ، وقد حُمِلَ عليه قول مالك بن أَسماء: وخير الحديث ما كان لحناً، وقد تقدم؛ قاله ابن الأَعرابي وجعله مُضارعَ لَحِنَ، بالكسر، ومنه قوله، : لعَلَّ بعضَكم أَن يكون أَلْحَنَ بحجته أَي أَفْطَنَ لها وأَحسَنَ تصَرُّفاً.

  واللَّحْنُ الذي هو التَّعْريض والإِيماء؛ قال القتَّالُ الكلابي:

  ولقد لَحَنْتُ لكم لِكَيما تَفْهَموا ... ووَحَيْتُ وَحْياً ليس بالمُرْتابِ

  ومنه قوله، ، وقد بعث قوماً ليُخْبِرُوه خبَرَ قريش: الْحَنُوا لي لَحْناً، وهو ما روي أَنه بعث رجلين إِلى بعض الثُّغُور عَيْناً فقال لهما: إِذا انصرفتما فالْحَنا لي لَحْناً أَي أَشيرا إِليَّ ولا تُفْصِحا وعَرِّضا بما رأَيتما، أَمرهما بذلك لأَنهما ربما أَخبرا عن العَدُوِّ ببأْسٍ وقُوَّة، فأَحَبَّ أَن لا يقفَ عليه المسلمون.

  ويقال: جعَلَ كذا لَحْناً لحاجته إِذا عَرَّضَ ولم يُصَرِّح؛ ومنه أَيضاً قول مالك بن أَسماء وقد تقدم شاهداً على أَن اللَّحْنَ الفِطنة، والفعل منه لَحَنْتُ له لَحْناً، على ما ذكره الجوهري عن أَبي زيد؛ والبيت الذي لمالك:

  مَنطِقٌ صائبٌ وتَلْحَنُ أَحياناً ... وخيرُ الحديثِ ما كان لَحْنا

  ومعنى صائب: قاصد الصواب وإِن لم يُصِبْ، وتَلْحَن أَحياناً أَي تُصيب وتَفْطُنُ، وقيل: تريدُ حديثَها عن جهته، وقيل: تُعَرِّض في حديثها، والمعنى فيه متقاربٌ، قال: وكأَنَّ اللَّحْن في العربية راجع إِلى هذا لأَنه العُدول عن الصواب؛ قال عثمان ابن جني: مَنْطِقٌ صائب أَي تارة تورد القول صائباً مُسَدَّداً وأُخرى تتَحَرَّفُ فيه وتَلْحَنُ أَي تَعْدِلُه عن الجهة الواضحة متعمدة بذلك تلَعُّباً بالقول، وهو من قوله ولعل بعضَكم أَن يكون أَلْحَنَ بحجته أَي أَنْهَضَ بها وأَحسَنَ تصَرُّفاً، قال: فصار تفسير اللَّحْنِ في البيت على ثلاثة أَوجه: الفِطنة والفهم، وهو قول أَبي زيد وابن الأَعرابي وإِن اختلفا في اللفظ، والتعريضُ، وهو قول ابن دريد والجوهري، والخطأُ في الإِعراب على قول من قال تزيله عن جهته وتعدله عن الجهة الواضحة، لأَن اللحن الذي هو الخطأُ في الإِعراب هو العدول عن الصواب، واللَّحْن الذي هو المعنى والفَحْوَى كقوله تعالى: ولَتَعْرِفنَّهُم في لَحْنِ القول؛ أَي في فَحْواه ومعناه.

  وروى المنذريُّ عن أَبي الهيثم أَنه قال: العُنوان واللَّحْنُ واحد، وهو العلامة تشير بها إِلى الإِنسان ليَفْطُنَ بها إِلى غيره، تقول: لَحَنَ لي فلانٌ بلَحْنٍ ففطِنْتُ؛ وأَنشد:

  وتَعْرِفُ في عُنوانِها بعضَ لَحْنِها ... وفي جَوْفِها صَمْعاءُ تَحْكي الدَّواهيا

  قال: ويقال للرجل الذي يُعَرِّضُ ولا يُصَرِّحُ قد جعل كذا وكذا لَحْناً لحاجته وعُنواناً.

  وفي الحديث: وكان القاسم رجلاً لُحْنَةً، يروى بسكون الحاء وفتحها، وهو الكثير اللَّحْنِ، وقيل: هو بالفتح الذي يُلَحِّنُ الناس أَي يُخَطِّئُهم، والمعروف في هذا البناء أَنه الذي يَكْثُر منه الفعل كالهُمَزة واللُّمَزة والطُّلَعة والخُدَعة ونحو ذلك.

  وقِدْحٌ لاحِنٌ إِذا لم يكن صافيَ الصوت عند الإِفاضة، وكذلك قوس لاحنة إِذا أُنْبِضَتْ.

  وسهمٌ لاحِنٌ عند التَّنْفير إِذا لم يكن حَنَّاناً عند الإِدامةِ على الإِصبع، والمُعْرِبُ من جميع ذلك على ضِدِّه.

  ومَلاحِنُ العُودِ: ضُروبُ دَسْتاناته.

  يقال: هذا لَحْنُ فلانٍ العَوَّاد،