لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل اللام]

صفحة 384 - الجزء 13

  لَدَى من شبابٍ يُشْترَى بمَشِيبِ؟ ... وكيف شَبابُ المرْء بعدَ دَبيبِ؟

  وقوله تعالى: قد بَلَغْتَ من لَدُنِّي عُذْراً؛ قال الزجاج: وقرئ من لَدُني، بتخفيف النون، ويجوز من لَدْني، بتسكين الدال، وأَجودها بتشديد النون، لأَن أَصل لَدُنْ الإِسكانُ، فإِذا أَضفتها إِلى نفسك زِدْتَ نوناً ليَسْلَم سكونُ النونِ الأُولى، تقول من لَدُنْ زيد، فتسكن النون، ثم تضيف إِلى نفسك فتقول لَدْني كما تقول عن زيد وعني، ومن حذف النونَ فلأَنَّ لَدُنْ اسم غير متمكن، والدليل على أَن الأَسماء يجوز فيها حذف النون قولهم قَدْني في معنى حَسْبي، ويجوز قَدِي بحذف النون لأَن قد اسم غير متمكن؛ قال الشاعر:

  قَدْنَي من نصْرِ الخُبَيْبَينِ قَدِي

  فجاء باللغتين.

  قال: وأَما إِسكان دال لَدُنٍ فهو كقولهم في عَضُدٍ عَضْد، فيحذفون الضمة.

  وحكى أَبو عمرو عن أَحمد بن يحيى والمبرّد أَنهما قالا: العرب تقول لَدُنْ غُدْوَةٌ ولَدُنْ غُدْوَةً ولَدُنْ غُدْوَةٍ، فمن رفع أَراد لَدُنْ كانت غُدْوةٌ، ومن نصب أَراد لَدُنْ كان الوقتُ غُدْوةً، ومن خفض أَراد من عِنْد غُدْوةِ.

  وقال ابنُ كيسانَ: لَدُنْ حرف يَخْفِضُ، وربما نُصِبَ بها.

  قال: وحكى البصريون أَنها تنصب غُدْوة خاصّةً من بين الكلام؛ وأَنشدوا:

  ما زالَ مُهْري مَزْجَرَ الكلبِ منهمُ ... لَدُنْ غُدْوَةً حتى دَنَتْ لغُروبِ

  وأَجاز الفراء في غُدْوةٍ الرفع والنصب والخفض؛ قال ابن كيسانَ؛ من خفض بها أَجراها مُجْرَى من وعن، ومن رفع أَجراها مُجْرى مذ، ومن نصب جعلها وقتاً وجعل ما بعدها ترجمة عنها؛ وإِن شئت أَضمرت كان كما قال:

  مُذْ لَدُ شَوْلاً وإِلى إِتْلائِها

  أَراد: أَن كانت شَوْلاً.

  وقال الليث: لَدُنْ في معنى من عند، تقول: وقف الناسُ له من لَدُنْ كذا إِلى المسجد ونحو ذلك إِذا اتصل ما بين الشيئين، وكذلك في الزمان من لَدُنْ طلوع الشمس إِلى غروبها أَي من حين.

  وفي حديث الصَّدَقة: عليهما جُنَّتانِ من حديد من لَدُنْ ثُدِيِّهما إِلى ترَاقيهما؛ لَدُنْ؛ ظرف مكان بمعنى عند إِلا أَنه أَقرب مكاناً من عند وأَخصُّ منه، فإِن عند تقع على المكان وغيره، تقول: لي عند فلانٍ مال أَي في ذمته، ولا يقال ذلك في لَدُنْ.

  أَبو زيد عن الكلابيين أَجمعين: هذا من لَدُنِه، ضموا الدال وفتحوا اللام وكسروا النون.

  الجوهري: لَدُنْ الموضع الذي هو الغاية، وهو ظرف غير متمكن بمنزلة عند، وقد أَدخلوا عليها من وحدها من حروف الجرّ، قال تعالى: من لَدُنَّا، وجاءت مضافة تخفض ما بعدها؛ وأَنشد في لَدُ لغَيْلانَ بن حُرَيث:

  يَسْتَوْعِبُ النَّوْعينِ من خَريرِه ... من لَدُ لَحْيَيْه إِلى مُنْخُورِه

  قال ابن بري: وأَنشده سيبويه إِلى مَنْخُوره أَي مَنْخَره.

  قال: قال وقد حمل حذف النون بعضهم إِلى أَن قال لَدُنْ غُدْوَةً، فنصب غدوة بالتنوين؛ قال ذو الرمة:

  لَدُنْ غُدْوَةً، حتى إِذا امتَدَّتِ الضُّحَى ... وحَثَّ القَطِينَ الشَّحْشحانُ المُكَلَّفُ

  لأَنه توهم أَن هذه النون زائدة تقوم مقام التنوين فنصب، كما تقول ضارِبٌ زيداً، قال: ولم يُعْمِلوا لَدُنْ إِلا في غُدْوة خاصة.

  قال ابن بري: ذكر