لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهمزة]

صفحة 470 - الجزء 13

  كحَلْفَةٍ من أَبي رَباحٍ ... يَسْمَعُها لاهُمَ الكُبارُ⁣(⁣١)

  وإنشاد العامة:

  يَسْمَعُها لاهُه الكُبارُ

  قال: وأَنشده الكسائي:

  يَسْمَعُها الله والله كبار⁣(⁣٢)

  الأَزهري: أَما إعراب اللهم فضم الهاء وفتح الميم لا اختلاف فيه بين النحويين في اللفظ، فأَما العلة والتفسير فقد اختلف فيه النحويون، فقال الفراء: معنى اللهم يا أَلله أُمَّ بخير، وقال الزجاج: هذا إقدام عظيم لأَن كل ما كان من هذا الهمز الذي طرح فأَكثر الكلام الإِتيان به.

  يقال: وَيْلُ أُمِّه ووَيْلُ امِّه، والأَكثر إثبات الهمزة، ولو كان كما قال هذا القائل لجاز الله أُومُمْ والله أُمَّ، وكان يجب أَن يلزمه يا لأَن العرب تقول يا الله اغفر لنا، ولم يقل أَحد من العرب إلا اللهم، ولم يقل أَحد يا اللهم، قال الله ø: قُلِ اللهم فاطرَ السمواتِ والأَرضِ؛ فهذا القول يبطل من جهات: إحداها أَن يا ليست في الكلام، والأُخرى أَن هذا المحذوف لم يتكلم به على أَصله كما تكلم بمثله، وأَنه لا يُقَدَّمُ أَمامَ الدُّعاء هذا الذي ذكره؛ قال الزجاج: وزعم الفراء أَن الضمة التي هي في الهاء ضمة الهمزة التي كانت في أُمِّ وهذا محال أَن يُتْرَكَ الضمُّ الذي هو دليل على نداء المفرد، وأَن يجعل في اسم الله ضمةُ أُمَّ، هذا إلحاد في اسم الله؛ قال: وزعم الفراء أَن قولنا هَلُمَّ مثل ذلك أَن أَصلها هَلْ أُمَّ، وإنما هي لُمَّ وها التنبيه، قال: وقال الفراء إن يا قد يقال مع اللهم فيقال يا أَللهم؛ واستشهد بشعر لا يكون مثله حجة:

  وما عليكِ أَن تَقُولِي كُلَّما ... صَلَّيْتِ أَو سَبَّحْت: يا أَللَّهُمَا،

  ارْدُدْ علينا شَيْخَنَا مُسَلَّما

  قال أَبو إسحق: وقال الخليل وسيبويه وجميع النحويين الموثوق بعلمهم اللهم بمعنى يا أَلله، وإن الميم المشددة عوض من يا، لأَنهم لم يجدوا يا مع هذه الميم في كلمة واحدة، ووجدوا اسم الله مستعملاً بيا إذا لم يذكروا الميم في آخر الكلمة، فعلموا أَن الميم في آخر الكلمة بمنزلة يا في أَولها، والضمة التي هي في الهاء هي ضمة الاسم المنادى المفرد، والميم مفتوحة لسكونها وسكون الميم قبلها؛ الفراء: ومن العرب من يقول إذا طرح الميم يا الله اغفر لي، بهمزة، ومنهم من يقول يا الله بغير همز، فمن حذف الهمزة فهو على السبيل، لأَنها أَلف ولام مثل لام الحرث من الأَسماء وأَشباهه، ومن همزها توهم الهمزة من الحرف إذ كانت لا تسقط منه الهمزة؛ وأَنشد:

  مُبارَكٌ هُوَّ ومن سَمَّاه ... على اسْمكَ، اللَّهُمَّ يا أَلله

  قال: وكثرت اللهم في الكلام حتى خففت ميمها في بعض اللغات.

  قال الكسائي: العرب تقول يا أَلله اغفر لي، ويَلَّله اغفر لي، قال: وسمعت الخليل يقول يكرهون أَن ينقصوا من هذا الاسم شيئاً يا أَلله أَي لا يقولون يَلَه.

  الزجاج في قوله تعالى: قال عيسى بنُ مريم اللهم ربنا؛ ذكر سيبويه أَن اللهم كالصوت وأَنه لا يوصف، وأَن ربنا منصوب على نداء آخر؛ الأَزهري:


(١) قوله [من أبي رباح] كذا بالأَصل بفتح الراء والباء الموحدة ومثله في البيضاوي، إلا أن فيه حلقة بالقاف، والذي في المحكم والتهذيب كحلفة من أبي رياح بكسر الراء وبياء مثناة تحتية، وبالجملة فالبيت رواياته كثيرة.

(٢) وقوله:

يسمعها الله والله كبار

كذا بالأَصل ونسخة من التهذيب.