لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهمزة]

صفحة 469 - الجزء 13

  جمع إلاهة؛ قال الله ø: ويَذَرَك وآلِهَتَك، وهي أَصنام عَبَدَها قوم فرعون معه.

  والله: أَصله إلاه، على فِعالٍ بمعنى مفعول، لأَنه مأَلُوه أَي معبود، كقولنا إمامٌ فِعَالٌ بمعنى مَفْعول لأَنه مُؤْتَمّ به، فلما أُدخلت عليه الأَلف واللام حذفت الهمزة تخفيفاً لكثرته في الكلام، ولو كانتا عوضاً منها لما اجتمعتا مع المعوَّض منه في قولهم الإِلاه، وقطعت الهمزة في النداء للزومها تفخيماً لهذا الاسم.

  قال الجوهري: وسمعت أَبا علي النحوي يقول إِن الأَلف واللام عوض منها، قال: ويدل على ذلك استجازتهم لقطع الهمزة الموصولة الداخلة على لام التعريف في القسم والنداء، وذلك قولهم: أَفأَلله لَتفْعَلَنّ ويا الله اغفر لي، أَلا ترى أَنها لو كانت غير عوض لم تثبت كما لم تثبت في غير هذا الاسم؟ قال: ولا يجوز أَيضاً أَن يكون للزوم الحرف لأَن ذلك يوجب أَن تقطع همزة الذي والتي، ولا يجوز أَيضاً أَن يكون لأَنها همزة مفتوحة وإن كانت موصولة كما لم يجز في ايْمُ الله وايْمُن الله التي هي همزة وصل، فإنها مفتوحة، قال: ولا يجوز أَيضاً أَن يكون ذلك لكثرة الاستعمال، لأَن ذلك يوجب أَن تقطع الهمزة أَيضاً في غير هذا مما يكثر استعمالهم له، فعلمنا أَن ذلك لمعنى اختصت به ليس في غيرها، ولا شيء أَولى بذلك المعنى من أَن يكون المُعَوَّضَ من الحرف المحذوف الذي هو الفاء، وجوّز سيبويه أَن يكون أَصله لاهاً على ما نذكره.

  قال ابن بري عند قول الجوهري: ولو كانتا عوضاً منها لما اجتمعتا مع المعوَّض عنه في قولهم الإِلَه، قال: هذا رد على أَبي علي الفارسي لأَنه كان يجعل الأَلف واللام في اسم الباري سبحانه عوضاً من الهمزة، ولا يلزمه ما ذكره الجوهري من قولهم الإِلَه، لأَن اسم الله لا يجوز فيه الإِلَه، ولا يكون إلا محذوف الهمزة، تَفَرَّد سبحانه بهذا الاسم لا يشركه فيه غيره، فإذا قيل الإِلاه انطلق على الله سبحانه وعلى ما يعبد من الأَصنام، وإذا قلت الله لم ينطلق إلا عليه سبحانه وتعالى، ولهذا جاز أَن ينادي اسم الله، وفيه لام التعريف وتقطع همزته، فيقال يا الله، ولا يجوز يالإِله على وجه من الوجوه، مقطوعة همزته ولا موصولة، قال: وقيل في اسم الباري سبحانه إنه مأْخوذ من أَلِه يَأْلَه إذا تحير، لأَن العقول تَأْلَه في عظمته.

  وأَلِه يَأْلَه أَلَهاً أَي تحير، وأَصله وَلِه يَوْلَه وَلَهاً.

  وقد أَلِهْتُ على فلان أَي اشتدّ جزعي عليه، مثل وَلِهْتُ، وقيل: هو مأْخوذ من أَلِه يَأْلَه إلى كذا أَي لجأَ إليه لأَنه سبحانه المَفْزَعُ الذي يُلْجأُ إليه في كل أَمر؛ قال الشاعر:

  أَلِهْتَ إلينا والحَوادِثُ جَمَّةٌ

  وقال آخر:

  أَلِهْتُ إليها والرَّكائِبُ وُقَّف

  والتَّأَلُّه: التَّنَسُّك والتَّعَبُّد.

  والتأْليه: التَّعْبيد؛ قال:

  لله دَرُّ الغَانِياتِ المُدَّه ... سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ من تأَلُّهِي

  ابن سيده: وقالوا يا أَلله فقَطَعُوا، قال: حكاه سيبويه، وهذا نادر.

  وحكى ثعلب أَنهم يقولون: يا الله، فيصلون وهما لغتان يعني القطع والوصل؛ وقول الشاعر:

  إنِّي إذا ما حَدَثٌ أَلَمَّا ... دَعَوْت: يا اللَّهُمَّ يا اللَّهُمَّا

  فإن الميم المشددة بدل من يا، فجمع بين البدل والمبدل منه؛ وقد خففها الأَعشى فقال: