[فصل الكاف]
  جُرَيْبَةُ بنُ الأَشْيَمِ:
  فإِذا سَمِعْتَ بأَنَّنِي قد بِعْتُكم ... بوِصالِ غَانيةٍ، فقُلْ كُذُّبْذُبُ
  قال ابن جني: أَما كُذُبْذُبٌ خفيف، وكُذُّبْذُبٌ ثَقِيل، فهاتانِ بناءَانِ لم يَحْكِهما سيبويه.
  قال: ونحوُه ما رَوَيْتُه عن بعض أَصحابنا، مِن قول بعضهم ذُرَحْرَحٌ، بفتح الراءَين.
  والأُنثى: كاذِبةٌ وكَذَّابة وكَذُوبٌ.
  والكُذَّب: جمع كاذبٍ، مثل راكِعٍ ورُكَّعٍ؛ قال أَبو دُواد الرُّؤَاسِي:
  مَتَى يَقُلْ تَنْفَعِ الأَقوامَ قَوْلَتُه ... إِذا اضْمَحَلَّ حديثُ الكُذَّبِ الوَلَعَه
  أَلَيْسَ أَقْرَبَهُم خَيْراً، وأَبعدَهُم ... شَرّاً، وأَسْمَحَهُم كَفّاً لمَنْ مُنِعَه
  لا يَحْسُدُ الناسَ فَضْلَ اللَّه عندهُمُ ... إِذا تَشُوه نُفُوسُ الحُسَّدِ الجَشِعَه
  الوَلَعَةُ: جمع والِعٍ، مثل كاتب وكَتَبة.
  والوالع: الكاذب، والكُذُبُ جمع كَذُوب، مثل صَبُور وصُبُر، ومِنه قَرَأَ بعضُهم: ولا تقولوا لما تَصِفُ أَلسِنتُكُم الكُذْبُ، فجعله نعتاً للأَلسنة.
  الفراء: يحكى عن العرب أَن بني نُمير ليس لهم مَكْذُوبةٌ.
  وكَذَبَ الرجلُ: أَخْبَر بالكَذِبِ.
  وفي المثل: ليس لمَكْذُوبٍ رَأْيٌ.
  ومِنْ أَمثالهم: المَعاذِرُ مَكاذِبُ.
  ومن أَمثالهم: أَنَّ الكَذُوبَ قد يَصْدُقُ، وهو كقولهم: مع الخَواطِئِ سَهْمٌ صائِبٌ.
  اللحياني: رجل تِكِذَّابٌ وتِصِدَّاقٌ أَي يَكْذِبُ ويَصْدُق.
  النضر: يقال للناقة التي يَضْرِبُها الفَحْلُ فتَشُولُ، ثم تَرْجِعُ حائلاً: مُكَذَّبٌ وكاذِبٌ، وقد كَذَّبَتْ وكَذَبَتْ.
  أَبو عمرو: يقال للرجل يُصاحُ به وهو ساكتٌ يُري أَنه نائم: قد أَكْذَب، وهو الإِكْذابُ.
  وقوله تعالى: حتى إِذا اسْتَيْأَسَ الرُّسلُ وظَنُّوا أَنهم قد كُذِّبُوا؛ قراءَةُ أَهلِ المدينةِ، وهي قِراءَةُ عائشة، ^، بالتشديد وضم الكاف.
  روي عن عائشة، ^، أَنها قالت: اسْتَيْأَسَ الرسلُ ممن كَذَّبَهم من قومهم أَن يُصَدِّقُوهم، وظَنَّتِ الرُّسُلُ أَن من قد آمَنَ من قومهم قد كَذَّبُوهم جاءهم نَصْرُ اللَّه، وكانت تَقْرؤُه بالتشديد، وهي قراءَة نافع، وابن كثير، وأَبي عمرو، وابن عامر؛ وقرأَ عاصم وحمزة والكسائي: كُذِبُوا، بالتخفيف.
  ورُوي عن ابن عباس أَنه قال: كُذِبُوا، بالتخفيف، وضم الكاف.
  وقال: كانوا بَشَراً، يعني الرسل؛ يَذْهَبُ إِلى أَن الرسل ضَعُفُوا، فَظَنُّوا أَنهم قد أُخْلِفُوا.
  قال أَبو منصور: إِن صح هذا عن ابن عباس، فوَجْهُه عندي، واللَّه أَعلم، أَن الرسل خَطَر في أَوهامهم ما يَخْطُر في أَوهامِ البشر، مِن غير أَن حَقَّقُوا تلك الخَواطرَ ولا رَكَنُوا إِليها، ولا كان ظَنُّهم ظَنّاً اطْمَأَنُّوا إِليه، ولكنه كان خاطراً يَغْلِبُه اليقينُ.
  وقد روينا عن النبي، ﷺ، أَنه قال: تَجاوَزَ اللَّه عن أُمتي ما حدَّثَتْ به أَنفُسَها.
  ما لم يَنْطِقْ به لسانٌ أَو تَعْمله يَدٌ، فهذا وجه ما رُوي عن ابن عباس.
  وقد رُوي عنه أَيضاً: أَنه قرأَ حتى إِذا اسْتَيْأَسَ الرسلُ من قَوْمهم الإِجابةَ، وظَنَّ قَوْمُهُم أَن الرُّسُل قد كذَبهم الوعيدُ.
  قال أَبو منصور: وهذه الرواية أَسلم، وبالظاهر أَشْبَه؛ ومما يُحَقّقها ما رُوي عن سعيد بن جُبَيْر أَنه قال: اسْتيأَسَ الرسلُ من قومهم، وظنَّ قومُهم أَن الرسل