لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الكاف]

صفحة 706 - الجزء 1

  قد كُذِّبُوا، جاءَهم نَصْرُنا؛ وسعيد أَخذ التفسير عن ابن عباس.

  وقرأَ بعضهم: وظَنُّوا أَنهم قد كَذَبوا أَي ظَنَّ قَوْمُهم أَن الرسلَ قد كَذَبُوهُمْ.

  قال أَبو منصور: وأَصَحُّ الأَقاويل ما روينا عن عائشة، ^، وبقراءَتها قرأَ أَهلُ الحرمين، وأَهلُ البصرة، وأَهلُ الشام.

  وقوله تعالى: ليس لوَقْعَتِها كاذِبةٌ؛ قال الزجاج: أَي ليس يَرُدُّها شيءٌ، كما تقول حَمْلَةُ فلان لا تَكْذِبُ أَي لا يَرُدُّ حَمْلَتُه شيء.

  قال: وكاذِبةٌ مصدر، كقولك: عافاه اللَّه عافِيةً، وعاقَبَه عاقِبةً، وكذلك كَذَبَ كاذبةً؛ وهذه أَسماء وضعت مواضع المصادر، كالعاقبة والعافية والباقية.

  وفي التنزيل العزيز: فهل تَرَى لهم من باقيةٍ؟ أَي بقاءٍ.

  وقال الفراءُ: ليس لوَقْعَتِها كاذبةٌ أَي ليس لها مَرْدُودٌ ولا رَدٌّ، فالكاذبة، ههنا، مصدر.

  يقال: حَمَلَ فما كَذَبَ.

  وقوله تعالى: ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رَأَى؛ يقول: ما كَذَبَ فؤَادُ محمدٍ ما رَأَى؛ يقول: قد صَدَقَه فُؤَادُه الذي رأَى.

  وقرئَ: ما كَذَّبَ الفُؤَادُ ما رَأَى، وهذا كُلُّه قول الفراء.

  وعن أَبي الهيثم: أَي لم يَكْذِب الفُؤَادُ رُؤْيَتَه، وما رَأَى بمعنى الرُّؤْية، كقولك: ما أَنْكَرْتُ ما قال زيدٌ أَي قول زيد.

  ويقال: كَذَبَني فلانٌ أَي لم يَصْدُقْني فقال لي الكَذِبَ؛ وأَنشد للأَخطل:

  كَذَبَتْكَ عَيْنُك، أَم رأَيتَ بواسطٍ ... غَلَسَ الظَّلامِ، مِن الرَّبابِ، خَيَالا؟

  معناه: أَوْهَمَتْكَ عَيْنُكَ أَنها رَأَتْ، ولم تَرَ.

  يقول: ما أَوْهَمه الفؤَادُ أَنه رأَى، ولم يَرَ، بل صَدَقه الفُؤَادُ رُؤْيَتَه.

  وقوله: ناصِيَةٍ كاذبةٍ أَي صاحِبُها كاذِبٌ، فأَوْقَعَ الجُزْءَ موقع الجُملة.

  ورُؤْيَا كَذُوبٌ: كذلك؛ أَنشد ثعلب:

  فَحَيَّتْ فَحَيَّاها فَهَبَّ فَحَلَّقَتْ ... معَ النَّجْمِ رُؤْيا، في المَنامِ، كَذُوبُ

  والأُكْذُوبةُ: الكَذِبُ.

  والكاذِبةُ: اسم للمصدر، كالعَافية.

  ويقال: لا مَكْذَبة، ولا كُذْبى، ولا كُذْبانَ أَي لا أَكْذُبك.

  وكَذَّبَ الرجلَ تَكْذيباً وكِذَّاباً: جعله كاذِباً، وقال له: كَذَبْتَ؛ وكذلك كَذَّب بالأَمر تَكْذيباً وكِذَّاباً.

  وفي التنزيل العزيز: وكَذَّبُوا بآياتنا كِذَّاباً.

  وفيه: لا يَسْمَعُون فيها لغواً ولا كِذَّاباً أَي كَذِباً.

  عن اللحياني.

  قال الفراءُ: خَفَّفَهما عليُّ بن أَبي طالب، #، جميعاً، وثَقَّلَهما عاصمٌ وأَهل المدينة، وهي لغة يمانية فصيحة.

  يقولون: كَذَّبْتُ به كِذَّاباً، وخَرَّقْتُ القميصَ خِرَّاقاً.

  وكلُّ فَعَّلْتُ فمصدرُه فِعَّالٌ، في لغتهم، مُشدّدةً.

  قال: وقال لي أَعرابي مَرَّةً على المَرْوَة يَسْتَفْتيني: أَلْحَلْقُ أَحَبُّ إِليك أَم القِصَّار؟ وأَنشدني بعضُ بني كُلَيْب:

  لقدْ طالَ ما ثَبَّطْتَني عن صَحابتي ... وعن حِوَجٍ، قِضَّاؤُها منْ شِفائيا

  وقال الفرَّاءُ: كان الكسائي يخفف لا يسمعون فيها لغواً ولا كِذاباً، لأَنها مُقَيَّدَة بفِعْلٍ يُصَيِّرُها مصدراً، ويُشَدِّدُ: وكَذَّبُوا بآياتنا كِذَّاباً؛ لأَن كَذَّبُوا يُقَيِّدُ الكِذَّابَ.

  قال: والذي قال حَسَنٌ، ومعناه: لا يَسْمَعُون فيها لَغْواً أَي باطلاً، ولا كِذَّاباً أَي لا يُكَذِّبُ بَعْضُهم