[فصل الباء الموحدة]
  بُلَهْنِيةُ العيش، وهو نَعْمته وغَفْلَتُه؛ وأَنشد ابن بري لِلَقِيط بن يَعْمُر الإِياديّ:
  ما لي أَراكُمْ نِياماً في بُلَهْنِيَةٍ ... لا تَفْزَعُونَ، وهذا اللَّيْثُ قد جَمَعا؟
  وقال ابن شميل: ناقة بَلْهاء، وهي التي لا تَنْحاشُ من شيء مَكانةً ورَزانةً كأَنها حَمْقاء، ولا يقال جمل أَبْلَه.
  ابن سيده: البَلْهاء ناقةٌ؛ وإِياها عنَى قيسُ بن عَيْزارة الهُذلي بقوله:
  وقالوا لنا: البَلْهاءُ أَوَّلُ سُؤْلةٍ ... وأَغْراسُها، والله عني يُدافِعُ(١)
  وفي المثل: تُحْرِقُك النارُ أَن تَراها بَلْه أَن تَصْلاها؛ يقول تُحْرِقُك النارُ من بَعيدٍ فدَعْ أَن تدخلَها؛ قال: ومن العرب من يَجُرُّ بها يجعلُها مصدراً كأَنه قال تَرْكَ، وقيل: معناه سِوَى، وقال ابن الأَنباري في بَلْه ثلاثة أَقوال: قال جماعة من أَهل اللغة بَلْه معناها على، وقال الفراء: مَنْ خفض بها جعلَها بمنزلة على وما أَشبهها من حروف الخفض، وقال الليث: بَلْه بمعنى أَجَلْ؛ وأَنشد:
  بَلْه إِني أَخُنْ عهداً، ولم ... أَقْتَرِفْ ذنباً فتَجْزيني النِّقَمْ
  وفي حديث النبي، ﷺ: أَعْدَدْتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأَتْ ولا أُذُنٌ سمعتْ ولا خطر على قلبِ بَشرٍ بَلْه ما اطَّلَعْتم عليه.
  قال ابن الأَثير: بَلْه من أَسماء الأَفعال بمعنى دَعْ واتْرُكْ، تقول: بَلْه زيداً، وقد توضع موضع المصدر وتضاف فتقول: بَلْه زَيدٍ أَي تَرْكَ زيد، وقوله: ما اطلعتم عليه يحتمل أَن يكون منصوب المحل ومجرورَه على التقديرين، والمعنى دَعْ ما اطَّلعتم عليه وعَرَفتموه من نعيم الجنة ولذاتها.
  قال أَبو عبيد: قال الأَحمر وغيره بَلْه معناه كيف ما اطَّلعتم عليه، وقال الفراء: كُفَّ ودَعْ ما اطَّلعتم عليه، وقال كعب بن مالك يصف السيوف:
  نَصِلُ السيوفَ إِذا قَصُرْنَ بخَطْوِنا ... قَدَماً، ونُلْحِقُها إِذا لم تَلْحَقِ
  تَذَرُ الجَماجمَ ضاحياً هاماتُها ... بَلْه الأَكفَّ، كأَنها لم تُخْلَقِ
  يقول: هي تَقطَع الهامَ فدَعِ الأَكفَّ أَي هي أَجدرُ أَن تَقْطعَ الأَكف؛ قال أَبو عبيد الأَكف: ينشد بالخفض والنصب، والنصبُ على معنى دع الأَكف، وقال الأَخفش: بَلْه ههنا بمنزلة المصدر كما تقول ضَرْبَ زيدٍ، ويجوز نصب الأَكف على معنى دع الأَكف؛ قال ابن هَرْمة:
  تَمْشي القَطُوفُ، إِذا غَنَّى الحُداةُ بها ... مَشْيَ النجيبةِ، بَلْه الجِلَّةَ النُّجُبا
  قال ابن بري: رواه أَبو عليّ:
  مشي الجوادِ فَبَلْه الجِلَّةَ النُّجُبا
  وقال أَبو زبيد:
  حَمّال أَثْقالِ أَهلِ الوُدِّ آوِنةً ... أُعْطيهمُ الجَهْدَ مِنِّي، بَلْه ما أَسَعُ
  أَي أُعطيهم ما لا أَجِدُه إِلا بجَهد، ومعنى بَلْه أَي دع ما أُحيط به وأَقدر عليه، قال الجوهري: بَلْه كلمة مبنية على الفتح مثل كيف.
  قال ابن بري: حقه أَن يقول مبنية على الفتح إِذا نَصَبْتَ ما بعدها فقلت بَلْه زيداً كما تقول رُوَيْدَ زيداً، فإِن قلت بَلْه زيدٍ بالإِضافة كانت بمنزلة المصدر معربةً، كقولهم: رُوَيدَ زيدٍ، قال: ولا يجوز أَن تقدّره مع الإِضافة
(١) قوله [البلهاء أول] كذا بالمحكم بالرفع فيهما.