لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الكاف]

صفحة 708 - الجزء 1

  أَي كَذِبٌ. وقال الأَخفش: بدَمٍ كَذِبٍ، جَعَلَ الدمَ كَذِباً، لأَنه كُذِبَ فيه، كما قال سبحانه: فما رَبِحَتْ تِجارَتُهم.

  وقال أَبو العباس: هذا مصدر في معنى مفعول، أَراد بدَمٍ مَكْذُوب.

  وقال الزجاج: بدَمٍ كذِبٍ أَي ذي كَذِب؛ والمعنى: دَمٍ مَكْذُوبٍ فيه.

  وقُرِئَ بدَمٍ كَدِبٍ، بالدال المهملة، وقد تقدم في ترجمة كدب.

  ابن الأَنباري في قوله تعالى: فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك، قال: سأَل سائل كيف خَبَّر عنهم أَنهم لا يُكَذِّبُونَ النبي، ، وقد كانوا يُظْهِرون تَكْذيبه ويُخْفُونه؟ قال: فيه ثلاثة أَقوال: أَحدها فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك بقلوبهم، بل يكذبونك بأَلسنتهم؛ والثاني قراءَة نافع والكسائي، ورُويَتْ عن عليّ، #، فإِنهم لا يُكْذِبُونَك، بضم الياءِ، وتسكين الكاف، على معنى لا يُكَذِّبُونَ الذي جِئْتَ به، إِنما يَجْحدون بآيات اللَّه ويَتَعَرَّضُون لعُقوبته.

  وكان الكسائي يحتج لهذه القراءَة، بأَن العرب تقول: كَذَّبْتُ الرجلَ إِذا نسبته إِلى الكَذِبِ؛ وأَكْذَبْتُه إِذا أَخبرت أَن الذي يُحَدِّثُ به كَذِبٌ؛ قال ابن الأَنباري: ويمكن أَن يكون: فإِنهم لا يُكْذِبُونَكَ، بمعنى لا يَجدونَكَ كَذَّاباً، عند البَحْث والتَّدَبُّر والتَّفْتيش.

  والثالث أَنهم لا يُكَذِّبُونَك فيما يَجِدونه موافقاً في كتابهم، لأَن ذلك من أَعظم الحجج عليهم.

  الكسائي: أَكْذَبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه جاءَ بالكَذِبِ، ورواه: وكَذَّبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه كاذِبٌ؛ وقال ثعلب: أَكْذَبه وكَذَّبَه، بمعنًى؛ وقد يكون أَكْذَبَه بمعنى بَيَّن كَذِبَه، أَو حَمَلَه على الكَذِب، وبمعنى وجَدَه كاذباً.

  وكاذَبْتُه مُكاذَبةً وكِذاباً: كَذَّبْتُه وكَذَّبني؛ وقد يُستعمل الكَذِبُ في غير الإِنسان، قالوا: كَذَبَ البَرْقُ، والحُلُمُ، والظَّنُّ، والرَّجاءُ، والطَّمَعُ؛ وكَذَبَتِ العَيْنُ: خانها حِسُّها.

  وكذَبَ الرأْيُ: تَوهَّمَ الأَمرَ بخلافِ ما هو به.

  وكَذَبَتْه نَفْسُه: مَنَّتْه بغير الحق.

  والكَذوبُ: النَّفْسُ، لذلك قال:

  إِني، وإِنْ مَنَّتْنيَ الكَذُوبُ ... لَعالِمٌ أَنْ أَجَلي قَريبُ

  أَبو زيد: الكَذُوبُ والكَذُوبةُ: من أَسماءِ النَّفْس.

  ابن الأَعرابي: المَكْذُوبة من النساءِ الضَّعيفة.

  والمَذْكُوبة: المرأَة الصالحة.

  ابن الأَعرابي: تقول العرب للكَذَّابِ: فلانٌ لا يُؤَالَفُ خَيْلاه، ولا يُسايَرُ خَيْلاه كَذِباً؛ أَبو الهيثم، أنه قال في قول لبيد:

  أَكْذِبِ النَّفْسَ إِذَا حَدَّثْتَها

  يقول: مَنِّ نَفْسَكَ العَيْشَ الطويلَ، لتَأْمُلَ الآمالَ البعيدة، فتَجِدَّ في الطَّلَب، لأَنَّك إِذا صَدَقْتَها، فقلتَ: لعلك تموتينَ اليومَ أَو غداً، قَصُرَ أَمَلُها، وضَعُفَ طَلَبُها؛ ثم قال:

  غَيْرَ أَنْ لا تَكْذِبَنْها في التُّقَى

  أَي لا تُسَوِّفْ بالتوبة، وتُصِرَّ على المَعْصية.

  وكَذَبَتْه عَفَّاقَتُه، وهي اسْتُه ونحوه كثير.

  وكَذَّبَ عنه: رَدَّ، وأَراد أَمْراً، ثم كَذَّبَ عنه أَي أَحْجَم.

  وكَذَبَ الوَحْشِيُّ وكَذَّبَ: جَرى شَوْطاً، ثم وَقَفَ لينظر ما وراءه.

  وما كَذَّبَ أَنْ فَعَلَ ذلك تَكْذيباً أَي ما كَعَّ ولا لَبِثَ.

  وحَمَلَ عليه فما كَذَّبَ، بالتشديد، أَي