لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل العين المهملة]

صفحة 516 - الجزء 13

  فإِذا نصبْتَ اللامَ فمعناه الاستغاثة؛ يُقال ذلك عند التعَجُّب من الإِفْكِ العظيم.

  قال ابن بري: قال الجوهري قال الكسائي العِضَه الكذبُ والبُهْتانْ؛ قال ابن بري: قال الطوسي هذا تصحيف وإِنما الكذب العَضْه، وكذلك العَضيهةُ، قال وقول الجوهري بعدُ وأَصله عِضَهةٌ، قال: صوابه عَضْهة لآَن الحركة لا يُقْدَم عليها إِلا بدليل.

  والعِضَه: السِّحْرُ والكَهانةُ.

  والعاضِه: الساحرُ، والفعلُ كالفعلِ والمصدرُ كالمصدرِ قال:

  أَعُوذُ بربي من النَّافِثاتِ ... في عِضَه العاضِه المُعْضِه

  ويروى: في عُقَدِ العاضِه.

  وفي الحديث: إِن الله لعَنَ العاضِهةَ والمُسْتَعْضِهةَ؛ قيل: هي الساحرةُ والمسْتَسْحِرة، وسُمِّيَ السحرُ عِضَهاً لأَنه كذبٌ وتَخْييلٌ لا حقيقةَ له.

  الأَصمعي وغيره: العَضْه السِّحْرُ، بلغة قريش، وهم يقولون للساحر عاضِه.

  وعَضَه الرجلَ يَعْضَهُه عَضْهاً: بَهَتَه ورماه بالبُهْتانِ.

  وحَيَّةٌ عاضِه وعاضِهةٌ: تقْتُل من ساعتها إِذا نَهَشَتْ، وأَما قوله تعالى: الذين جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِينَ؛ فقد اختلف أَهلُ العربية في اشتقاق أَصله وتفسيرِه، فمنهم من قال: واحدتُها عِضَةٌ وأَصلها عِضْوَةٌ من عَضَّيْتُ الشيءَ إِذا فَرَّقْته، جعلوا النُّقْصان الواوَ، المعنى أَنهم فَرَّقُوا عن المشركين أَقاوِيلَهم في القرآن فجعلوه كذِباً وسِحْراً وشِعْراً وكَهانةً، ومنهم من جعل نُقْصانَه الهاء وقال: أَصلُ العِضَة عِضْهةٌ، فاستثْقَلُوا الجمع بين هاءين فقالوا عِضَةٌ، كما قالوا شَفَة والأَصل شَفْهَة، وسَنَة وأَصلها سَنْهَة.

  وقال الفراء: العِضُون في كلام العرب السِّحْرُ، وذلك أَنه جعله من العَضْه.

  والعِضاه من الشجر: كل شجر له شَوْكٌ، وقيل: العِضاه أَعظمُ الشجر، وقيل: هي الخمْطُ، والخَمْطُ كلُّ شجرةٍ ذاتِ شوْكٍ، وقيل العِضاه اسمُ يقع على ما عَظُم من شجر الشِوْك وطالَ واشتدَ شَوْكُه، فإِن لم تكن طويلةً فليست من العِضاه، وقيل: عِظامُ الشجر كلُّها عِضاه، وإِنما جَمع هذا الاسمُ ما يُسْتظلُّ به فيها كلَّها؛ وقال بعض الرواة: العِضاه من شجرِ الشَّوْكِ كالطَّلْح والعَوْسَجِ مما له أَرُومةٌ تبقى على الشِّتاء، والعِضاه على هذا القول الشجرُ ذو الشَّوْك مما جَلَّ أَو دَقَّ، والأَقاويلُ الأُوَلُ أَشْبَه، والواحدة عِضاهةٌ وعِضَهَةٌ وعِضَه وعِضَةٌ، وأَصلها عِضْهةٌ.

  قال الجوهري: في عِضَةٍ تحذف الهاءُ الأَصليّة كما تُحْذف من الشَّفَة؛ وقال:

  ومِنْ عِضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكيرُها

  قال: ونُقْصانُها الهاءُ لأَنها تُجْمع على عِضاه مثل شفاه، فتُرَدُّ الهاءُ في الجمع وتُصَغَّرُ على عُضَيْهَة، ويُنْسَب إِليها فيقال بَعِيرٌ عِضَهِيٌّ للذي يَرْعاها، وبَعِيرٌ عِضاهِيٌّ وإِبلٌ عِضاهِيَّةٌ، وقالوا في القليل عِضُونَ وعِضَوات، فأَبْدَلوا مكانَ الهاء الواوَ، وقالوا في الجمع عِضاه؛ هذا تعليل أَبي حنيفة، وليس بذلك القول، فأَما الذي ذهب إِليه الفارسي⁣(⁣١).

  فإِنَّ عِضَةً المحذوفة يصلح أَن تكون من الهاء، وأَن تكون من الواو، أَما استدلاله على أَنها تكون من الهاء فبما نَراه من تصاريف هذه الكلمة كقولهم عِضاه وإِبلٌ عاضِهةٌ، وأَما استدلاله على كونها الواو فبقولهم عِضَوات؛ قال: وأَنشد سيبويه:

  هذا طريقٌ يَأْزِمُ المَآزِما ... وعِضَواتٌ تَقْطَعُ اللَّهازِما

  قال: ونظيرُه سَنَة، تكون مرة من الهاء لقولهم


(١) قوله [ذهب إليه الفارسي] هكذا في الأصل، وفي المحكم: ذهب إليه سيبويه.