لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهمزة]

صفحة 50 - الجزء 14

  فهو مثل نِحْيٍ وأَنحاء، ومن قال إِنىً فهو مثل مِعىً وأَمْعاء؛ قال الهذلي المتنخِّل:

  السالك الثَّغْرِ مَخْشِيّاً مَوارِدُه ... بكُلِّ إِنْيٍ قَضاه الليلُ يَنْتَعِلُ

  قال الأَزهري: كذا رواه ابن الأَنباري؛ وأَنشده الجوهري:

  حُلْو ومرّ، كعَطْفِ القِدْحِ مِرَّتُه ... في كل إِنْيٍ قَضاه الليلُ يَنْتَعِلُ

  ونسبه أَيضاً للمنتخّل، فإِما أَن يكون هو البيت بعينه أَو آخر من قصيدة أُخرى.

  وقال ابن الأَنباري: واحد آناء الليل على ثلاثة أَوجه: إِنْي بسكون النون، وإِنىً بكسر الأَلف، وأَنىً بفتح الأَلف؛ وقوله:

  فَوَرَدَتْ قبلَ إِنَى صِحابها

  يروى: إِنَى وأَنَى، وقاله الأَصمعي.

  وقال الأَخفش: واحد الآناء إِنْوٌ؛ يقال: مضى إِنْيانِ من الليل وإِنْوانِ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي في الإِنَى:

  أَتَمَّتْ حملَها في نصف شهر ... وحَمْلُ الحاملاتِ إِنىً طويلُ

  ومَضَى إِنْوٌ من الليل أَي وقت، لغة في إنْي.

  قال أَبو عليّ: وهذا كقولهم جَبَوْت الخراج جِباوة، أُبدلت الواو من الياء.

  وحكى الفارسي: أَتيته آيِنَةً بعد آينةٍ أَي تارة بعد تارة؛ كذا حكاه، قال ابن سيده: وأُراه بني من الإِنَى فاعلة وروى:

  وآيِنَةً يَخْرُجْنَ من غامر ضَحْل

  والمعروف آوِنَة.

  وقال عروة في وصية لبنيه: يا بَنيّ إِذا رأَيتم خَلَّةً رائعة من رجل فلا تقطعوا إِناتَكم⁣(⁣١).

  وإِن كان الناس رَجُلَ سَوءٍ؛ أَي رجاءكم؛ وقول السلمية أَنشده يعقوب:

  عَن الأَمر الذي يُؤْنِيكَ عنه ... وعَن أَهْلِ النَّصِيحة والوداد

  قال: أَرادت يُنْئِيك من النَّأْي، وهو البعد، فقدمت الهمزة قبل النون.

  الأَصمعي: الأَناةُ من النساء التي فيها فتور عن القيام وتأَنٍّ؛ قال أَبو حيَّة النميري:

  رَمَتْه أَناةٌ، من رَبيعةِ عامرٍ ... نَؤُومُ الضُّحَى في مَأْتَمٍ

  أَيِّ مَأْتَم والوَهْنانةُ نحوها.

  الليث: يقال للمرأَة المباركة الحليمة المُواتِية أَناة، والجمع أَنواتٌ.

  قال: وقال أَهل الكوفة إِنما هي الوَناة، من الضعف، فهمزوا الواو؛ وقال أَبو الدُّقَيْش: هي المباركة، وقيل: امرأَة أَناة أَي رَزِينة لا تَصْخَبُ ولا تُفْحِش؛ قال الشاعر:

  أَناةٌ كأَنَّ المِسْكَ تَحْتَ ثيابِها ... ورِيحَ خُزامَى الطَّلِّ في دَمِثِ الرَّمْل

  قال سيبويه: أَصله وَناةٌ مثل أَحَد ووَحَد، من الوَنَى.

  وفي الحديث: أَن رسول الله، ، أَمَر رجلاً أَن يزوج ابنته من جُلَيْبِيبٍ، فقال حتى أُشاورَ أُمَّها، فلما ذكره لها قالت: حَلْقَى، أَلِجُلَيْبيبٍ؟ إِنِيْه، لا لَعَمْرُ الله ذكره ابن الأَثير في هذه الترجمة وقال: قد اختلف في ضبط هذه اللفظة اختلافاً كثيراً فرويت بكسر الهمزة والنون وسكون الياء وبعدها هاء، ومعناها أَنها لفظة تستعملها العرب في الإِنكار، يقول القائل: جاء زيد، فتقول أَنت: أَزَيْدُنِيه وأَزَيْدٌ إِنِيه، كأَنك استبعدت مجيئه.

  وحكى سيبويه: أَنه قيل لأَعرابي سكن البَلَدَ: أَتخرج إِذا أَخصبت البادية؟ فقال: أَنا إِنيه؟ يعني


(١) قوله [إناتكم] كذا ضبط بالكسر في الأصل، وبه صرح شارح القاموس.