[فصل الهمزة]
  النساء(١) أَما الأَول في قوله: أَو على سفر، فهو تخيير، وأَما قوله: أَو جاء أَحد منكم من الغائط، فهو بمعنى الواو التي تسمى حالاً؛ المعنى: وجاء أَحد منكم من الغائط أَي في هذه الحالة، ولا يجوز أَن يكون تخييراً، وأَما قوله: أَو لمستم النساء، فهي معطوفة على ما قبلها بمعناها؛ وأَما قول الله ø: ولا تُطِعْ منهم آثماً أَو كفوراً؛ فإِن الزجاج قال: أَو ههنا أَوكد من الواو، لأَن الواو إِذا قلتَ لا تطع زيداً وعمراً فأَطاع أَحدهما كان غير عاص، لأَنه أَمره أَن لا يطيع الاثنين، فإِذا قال: ولا تطع منهم آثماً أَو كفوراً، فأَوْ قد دلت على أَنّ كل واحد منهما أَهل أَن يُعْصَى.
  وتكون بمعنى حتى، تقول: لأَضربنك أَو تقومَ، وبمعنى إِلَّا أَنْ، تقول: لأَضربنَّك أَو تَسْبقَني أَي إِلا أَن تسبقني.
  وقال الفراء: أَو إِذا كانت بمعنى حتى فهو كما تقول لا أَزالُ ملازمك أَو تعطيني(٢).
  وإِلا أَن تعطيني؛ ومنه قوله ø: ليس لك من الأَمر شيء أَو يتوب عليهم أَو يعذبهم؛ معناه حتى يتوب عليهم وإِلا أَن يتوب عليهم؛ ومنه قول امرئ القيس:
  يُحاوِلُ مُلْكاً أَو يَموتَ فيُعْذَرا
  معناه: إِلا أَن يموت.
  قال: وأَما الشك فهو كقولك خرج زيد أَو عمرو، وتكون بمعنى الواو؛ قال الكسائي وحده: وتكون شرطاً؛ أَنشد أَبو زيد فيمن جعلها بمعنى الواو:
  وقَدْ زَعَمَتْ ليلى بأَنِّيَ فاجِرٌ؛ ... لِنَفْسِي تُقاها أَو عَليها فُجُورُها
  معناه: وعليها فجورها؛ وأَنشد الفراء:
  إِنَّ بها أَكْتَلَ أَوْ رِزامَا ... خُوَيْرِبانِ يَنقُفَان الْهامَا(٣)
  وقال محمد بن يزيد: أَو من حروف العطف ولها ثلاثة معان: تكون لأَحد أَمرين عند شك المتكلم أَو قصده أَحدهما، وذلك كقولك أَتيت زيداً أَو عمراً، وجاءني رجل أَو امرأَة، فهذا شك، وأَما إِذا قصد أَحدهما فكقولك كُلِ السمَكَ أَو اشربِ اللبنَ أَي لا تجمعها ولكن اخْتَر أَيَّهما شئت، وأَعطني ديناراً أَو اكْسُني ثوباً، وتكون بمعنى الإِباحة كقولك: ائْتِ المسجد أَو السوق أَي قد أَذنت لك في هذا الضرب من الناس(٤)، فإِن نهيته عن هذا قلت: لا تجالس زيداً أَو عمراً أَي لا تجالس هذا الضرب من الناس، وعلى هذا قوله تعالى: ولا تطع منهم آثماً أَو كفوراً؛ أَي لا تطع أَحداً منهما، فافهمه.
  وقال الفراء في قوله ø: أَولم يروا، أَولم يأْتهم؛ إِنها واو مفردة دخلت عليها أَلف الاستفهام كما دخلت على الفاء وثم ولا.
  وقال أَبو زيد: يقال إِنه لفلان أَو ما تنحد فرطه ولآتِينك أَو ما تنحد فرطه(٥).
  أَي لآتينك حقّاً، وهو توكيد.
  وابنُ آوَى: معرفةٌ، دُوَيبَّةٌ، ولا يُفْصَلُ آوَى من ابن.
  الجوهري: ابن آوَى يسمى بالفارسية شغال، والجمع بناتُ آوَى، وآوى لا ينصرف لأَنه أَفعل وهو معرفة.
  التهذيب: الواوا صياح العِلَّوْض، وهو ابن آوى، إِذا جاع.
  قال الليث: ابن آوى لا يصرف على حال ويحمل على أَفْعَلَ مثل أَفْعَى ونحوها، ويقال في جمعه بنات آوى، كما يقال بناتُ
(١) الآية.
(٢) لعل هنا سقطاً من الناسخ، وأصله: معناه حتى تعطيني والا الخ.
(٣) قوله [خويربان] هكذا بالأصل هنا مرفوعاً بالألف كالتكملة وأنشده في غير موضع كالصحاح خويربين بالياء وهو المشهور.
(٤) قوله [ائت المسجد أو السوق أي قد أذنت لك في هذا الضرب من الناس] هكذا في الأصل.
(٥) قوله [أو ما تنحد فرطه الخ] كذا بالأصل بدون نقط.