لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الباء الموحدة]

صفحة 80 - الجزء 14

  لأَنهم قد قلبوا لام الفُعْلَى، إذا كانت اسماً وكانت لامها واواً، ياء طلباً للخفة، وذلك نحو الدُّنْيا والعُلْيا والقُصْيا، وهي من دَنَوْتُ وعَلَوْتُ وقَصَوْت، فلما قلبوا الواو ياء في هذا وفي غيره مما يطول تعداده عوَّضوا الواو من غلبة الياء عليها في أَكثر المواضع بأَن قلبوها في نحو البَقْوَى والثَّنْوَى واواً، ليكون ذلك ضرباً من التعويض ومن التكافؤ بينهما.

  وبقي الرجلُ زماناً طويلاً أَي عاش وأَبقاه الله.

  الليث: تقول العرب⁣(⁣١).

  نَشَدْتُك الله والبُقْيَا؛ هو الإِبقاء مثل الرَّعْوى والرُّعْيا من الإِرْعاء على الشيء، وهو الإِبْقاء عليه.

  والعرب تقول للعدوّ إذا غَلَبَ: البَقِيَّةَ أَي أَبْقُوا علينا ولا تستأْصلونا؛ ومنه قول الأَعشى:

  قالوا البَقِيَّة والخَطِّيُّ يأْخُذُهم

  وفي حديث النجاشي والهجرة: وكان أَبْقَى الرجلين فينا أَي أَكثر إبقاء على قومه، ويروى بالتاء من التُّقى.

  والباقِيةُ توضع موضع المصدر.

  ويقال: ما بَقِيَتْ منهم باقِيةٌ ولا وَقاهم الله من واقِيَة.

  وفي التنزيل العزيز: فهل تَرى لهم من باقية؛ قال الفراء: يريد من بَقاء.

  ويقال: هل ترى منهم باقياً، كل ذلك في العربية جائز حسن، وبَقِيَ من الشيء بَقِيَّةٌ.

  وأَبْقَيْتُ على فلان إذا أَرْعَيْتَ عليه ورَحِمْتَه.

  يقال: لا أَبْقَى الله عليك إن أَبْقَيْتَ عليَّ، والإِسم البُقْيَا؛ قال اللَّعِين:

  سَأَقْضِي بين كَلْبِ بَني كُلَيْبٍ ... وبَيْنَ القَيْنِ قَيْنِ بَني عِقَالِ

  فإنَّ الكلبَ مَطْعَمُه خَبيثٌ ... وإنَّ القَيْنَ يَعْمَلُ في سِفَالِ

  فما بُقْيَا عليّ ترَكْتُماني ... ولكنْ خِفْتُما صَرَدَ النِّبالِ

  وكذلك البَقْوى، بفتح الباء.

  ويقال: البُقْيَا والبَقْوَى كالفُتْيا والفَتْوَى؛ قال أَبو القَمْقام الأَسَدِيُّ:

  أُذَكِّرُ بالبَقْوَى على ما أَصابَني ... وبَقْوايَ أَنِّي جاهِدٌ غَير مُؤتَلي

  واسْتَبْقَيتُ من الشيء أَي تركت بعضه.

  واسْتبقاه: اسْتَحْياه، وطيِّءٌ تقول بَقَى وبَقَتْ مكان بَقِيَ وبَقيَتْ، وكذلك أَخواتها من المعتل؛ قال البَولاني:

  تَسْتَوْقِدُ النَّبْلَ بالحَضِيضِ، وتَصْطادُ ... نُفُوساً بُنَتْ على الكَرَمِ

  أَي بُنِيَتْ، يعني إذا أَخطأَ يُورِي النارَ.

  والبقيَّةُ: كالبَقْوَى.

  والبِقيَّة أَيضاً: ما بقي من الشيء.

  وقوله تعالى: بَقِيَّةُ الله خير لكم.

  قال الزجاج: معناه الحالُ التي تبقى لكم من الخير خير لكم، وقيل: طاعة الله خير لكم.

  وقال الفراء: يا قوم ما أُبقي لكم من الحلال خير لكم، قال: ويقال مراقبة الله خير لكم.

  الليث: والباقي حاصل الخَراج ونحوه، ولغة طيء بَقَى يَبْقى، وكذلك لغتهم في كل ياء انكسر ما قبلها، يجعلونها أَلفاً نحو بَقَى ورَضَى وفَنَى؛ وقوله ø: والباقياتُ الصالحاتُ خير عند ربك ثواباً؛ قيل: الباقيات الصالحات الصلوات الخمس، وقيل هي الأَعمال الصالحة كلها، وقيل: هي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أَكبر.

  قال: والباقيات الصالحات، والله أَعلم، كل عمل صالح يَبْقَى ثوابه.

  والمُبْقِياتُ من الخيل: التي يَبْقَى جَريُها بعد


(١) قوله [الليث تقول العرب الخ] هذه عبارة التهذيب وقد سقط منها جملة في كلام المصنف ونصها: تقول العرب نشدتك الله والبقيا وهي البقية، أبو عبيد عن الكسائي قال: البقوى والبقيا هي الإِبقاء مثل الرعوى الخ.