لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الباء الموحدة]

صفحة 81 - الجزء 14

  انقطاع جَرْي الخيل؛ قال الكَلْحَبةُ اليَرْبوعِيُّ:

  فأَدْرَكَ إبْقاءَ العَرادَةِ ظَلْعُها ... وقد جَعَلَتْني من حزِيمةَ إصْبَعا

  وفي التهذيب: المُبْقِياتُ من الخيل هي التي تُبْقِي بعضَ جَريها تَدَّخِره.

  والمُبْقِياتُ: الأَماكن التي تُبقِى ما فيها من مناقع الماء ولا تشربه؛ قال ذو الرمة:

  فلما رَأَى الرَّائي الثُّرَيَّا بسُدْفةٍ ... ونَشَّتْ نِطافُ المُبْقِياتِ الوقائع

  واسْتَبْقى الرجلَ وأَبقى عليه: وجب عليه قتل فعفا عنه.

  وأَبْقيْتُ ما بيني وبينهم: لم أُبالغ في إفساده، والإِسم البَقِيَّةُ؛ قال:

  إنْ تُذْنِبُوا ثم تأْتِيني بَقِيَّتُكم ... فما عليَّ بذَنْبٍ منكُم فَوْتُ

  أَي إبقاؤكم: ويقال: اسْتَبْقَيْتُ فلاناً إذا وجب عليه قتل فعفوت عنه.

  وإذا أَعطيت شيئاً وحَبَسْتَ بعضَه قلت: استبقيت بعضه.

  واسْتَبْقَيْتُ فلاناً: في معنى العفو عن زلله واسْتِبْقاء مودَّته؛ قال النابغة:

  ولَسْتَ بمُسْتَبْقِ أَخاً لا تَلُمُّه ... على شَعَثٍ، أَيُّ الرجالِ المُهَذَّبُ؟

  وفي حديث الدعاء: لا تُبْقِي على من يَضْرَعُ إليها، يعني النار.

  يقال: أَبْقَيْت عليه أُبْقِي إبْقاءً إذا رحمته وأَشفقت عليه.

  وفي الحديث: تَبَقَّه وتوَقَّه؛ هو أَمر من البقاء والوِقاء، والهاء فيهما للسكت، أَي اسْتَبْق النفسَ ولا تُعَرِّضْها للهَلاك وتحرّز من الآفات.

  وقوله تعالى: فلولا كان من القرون من قبلكم أُولو بَقِيَّة ينهون عن الفساد؛ معناه أُولو تمييز، ويجوز أُولوا بقية أُولو طاعة؛ قال ابن سيده: فسر بأَنه الإِبقاء وفسر بأَنه الفَهْم، ومعنى البَقِيَّة إذا قلت فلان بَقِيَّة فمعناه فيه فَضْل فيما يُمْدَحُ به، وجمع البَقِيَّة بقايا.

  وقال القتيبي: أُولو بَقِيَّة من دِينِ قوم لهم بَقِيَّة إذا كانت بهم مُسْكَة وفيهم خير.

  قال أَبو منصور: البَقيَّة اسم من الإِبْقاء كأَنه أَراد، والله أَعلم، فلولا كان من القرون قوم أُولوا إبقاء على أَنفسهم لتمسكهم بالدين المرضي، ونصب إلا قليلاً لأَن المعنى في قوله فلولا كان فما كان، وانتصاب قليلاً على الانقاع من الأَول.

  والبُقْيَا أَيضاً: الإِبْقاءُ؛ وقوله أَنشده ثعلب:

  فلولا اتِّقاءُ الله بُقْيايَ فيكما ... لَلُمْتُكما لَوْماً أَحَرَّ من الجَمْرِ

  أَراد بُقْيايَ عليكما، فأَبدل في مَكانَ على، وأَبدل بُقْيايَ من اتقاء الله.

  وبَقَاه بَقْياً: انتظره ورَصَدَه، وقيل: هو نظرك إليه؛ قال الكُمَيْت وقيل هو لكثير:

  فما زلْتُ أَبْقِي الظُّعْنَ، حتى كأَنها ... أَواقِي سَدىً تَغْتالهُنَّ الحَوائِكُ

  يقول: شبهت الأَظْعَان في تباعدها عن عيني ودخولها في السراب بالغزل الذي تُسْديه الحائكةُ فيتناقص أَوَّلاً فأَوّلاً.

  وبَقَيْتُه أَي نظرت إليها وترقبته.

  وبَقِيَّةُ الله: انتظارُ ثوابه؛ وبه فسر أَبو عليّ قوله: بقيةُ الله خير لكم إن كنتم مؤمنين، لأَنه وإنما ينتظر ثوابه من آمن به.

  وبَقِيَّةُ: اسم.

  وفي حديث معاذ: بَقَيْنا رسولَ الله وقد تأَخر لصلاة العَتَمة، وفي نسخة: بَقَيْنا رسولَ الله في شهر رمضان حتى خَشينا فوتَ الفَلاح أَي انتظرناه.

  وبَقَّيْتُه، بالتشديد، وأَبقيَته وتَبَقَّيْتُه كله بمعنى.

  وقال الأَحمر في بَقَيْنا: انتظرنا وتبصرنا؛ يقال منه: بَقَيْتُ الرجلَ أَبْقِيه أَي انتظرته ورَقَبْتُه؛