[فصل الجيم]
  والجاربة: الشمس، سميت بذلك لجَرْيِها من القُطر إلى القُطْر.
  التهذيب: والجاريةُ عين الشمس في السماء، قال الله ø: والشمسُ تَجْري لمُسْتَقَرّ لها.
  والجاريةُ: الريح؛ قال الشاعر:
  فَيَوْماً تَراني في الفَرِيقِ مُعَقَّلاً ... ويوماً أُباري في الرياح الجَوَارِيَا
  وقوله تعالى: فلا أقسم بالخُنَّسِ الجَواري الكُنَّسِ؛ يعني النجومَ.
  وجَرَتِ السفينةُ جَرْياً كذلك.
  والجاريةُ: السفينة، صفة غالبة.
  وفي التنزيل: حَمَلْناكم في الجَارِية، وفيه: وله الجَوارِ المُنْشَآتُ في البحر، وقوله ø: بسم الله مُجْراها ومُرْساها؛ هما مصدران من أُجْرِيت السفينةُ وأُرْسِيَتْ، ومَجْراها ومَرْساها، بالفتح، من جرَتِ السفينةُ ورَسَتْ؛ وقول لبيد:
  وغَنِيتُ سبتاً قبل مَجْرَى داحِسٍ ... لو كان للنفسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ
  ومَجْرى داحِسٍ كذلك.
  الليث: الخَيْلُ تَجْرِي والرِّياح تَجْرى والشمسُ تَجْرِي جَرْياً إلا الماء فإنه يَجْرِي جِرْيَةً، والجِراء للخيل خاصّةً؛ وأَنشد:
  غَمْر الجِراء إذا قَصَرْتَ عِنانَه
  وفرس ذو أَجارِيَّ أَي ذو فُنون في الجَرْيِ.
  وجاراه مُجاراةً وجِراءً أَي جَرَى معه، وجاراه في الحديث وتَجَارَوْا فيه.
  وفي حديث الرياء: من طَلَبَ العِلْمَ ليُجارِيَ به العُلَماءَ أَي يَجْري معهم في المُناظرة والجِدال ليُظْهِرَ علمه إلى الناس رياء وسُمْعةً.
  ومنه الحديث: تَتَجارَى بهم الأَهْواءُ كما يَتَجارَى الكَلَبُ بصاحِبه أَي يَتَواقَعُون في الأَهْواء الفاسدة ويَتَدَاعَوْنَ فيها، تشبيهاً بِجَرْيِ الفرس؛ والكَلَب، بالتحريك: داء معروف يَعْرِضُ للكَلْب فمن عَضَّه قَتَله.
  ابن سيده: قال الأَخفش والمَجْرَى في الشِّعْرِ حركة حرف الرويّ فتْحَتُه وضَمَّتُه وكَسْرتُه، وليس في الرويّ المقيد مَجْرىً لأَنه لا حركة فيه فتسمى مَجْرىً، وإنما سمي ذلك مَجْرىً لأَنه موضع جَرْيِ حركات الإِعراب والبناء.
  والمَجارِي: أَواخِرُ الكَلِم، وذلك لأَن حركات الإِعراب والبناء إنما تكون هنالك؛ قال ابن جني: سمي بذلك لأَن الصوت يبتدئ بالجَرَيان في حروف الوصل منه، ألا ترى أَنك إذا قلت:
  قَتِيلان لم يَعْلم لنا الناسُ مَصْرَعا
  فالفتحة في العين هي ابتداء جريان الصوت في الأَلف؛ وكذلك قولك:
  يا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّندِ
  تَجِدُ كسرة الدال هي ابتداء جريان الصوت في الياء؛ وكذا قوله:
  هُرَيْرةَ ودَّعْها وإنْ لامَ لائِمُ
  تجد ضمة الميم منها ابتداءَ جَرَيانِ الصوت في الواو؛ قال: فأَما قول سيبويه هذا باب مَجارِي أَواخر الكَلِم من العربية، وهي تَجْرِي على ثمانية مَجارٍ، فلم يَقْصُر المَجارِيَ هنا على الحركات فقط كما قَصَر العروضيون المَجْرَى في القافية على حركة حرف الرويّ دون سكونه، لكنْ غَرَضُ صاحب الكتاب في قوله مَجاري أَواخر الكلم أَي أَحوال أَواخر الكلم وأَحكامها والصُّوَرِ التي تتشكل لها، فإذا كانت أَحوالاً وأَحكاماً فسكونُ الساكن حال له، كما أَن حركة المتحرّك حال له أَيضاً، فمن هنا سَقَط تَعَقُّبُ من تَتَبَّعه في هذا الموضع فقال: كيف ذَكَرَ الوقف والسكون في المجاري، وإنما المجاري فيما ظَنَّه الحركاتُ، وسبب