[فصل الجيم]
  ذلك خَفاءُ غرض صاحب الكتاب عليه، قال: وكيف يجوز أَن يُسَلط الظنُّ على أَقل أَتباع سيبويه فيما يلطف عن هذا الجليّ الواضح فضلاً عنه نفسِه فيه؟ أَفتراه يريد الحركة ويذكر السكون؟ هذه غَباوة ممن أَوردها وضعف نظر وطريقة دَلَّ على سلوكه إياها، قال: أَولَمْ يَسْمَعْ هذا المتتبع بهذا القدر قولَ الكافة أَنت تَجْرِي عندي مَجْرَى فلان وهذا جارٍ مَجْرَى هذا؟ فهل يراد بذلك أَنت تتحرك عندي بحركته، أَو يراد صورتك عندي صورته، وحالُك في نفسي ومُعْتَقَدِي حالُه؟ والجارية: عينُ كل حيوان.
  والجارية: النعمة من الله على عباده.
  وفي الحديث: الأَرْزاق جاريةٌ والأَعطياتُ دارَّة متصلة؛ قال شمر: هما واحد يقول هو دائم.
  يقال: جَرَى له ذلك الشيءُ ودَرَّ له بمعنى دام له؛ وقال ابنُ حازم يصف امرأَة:
  غَذَاها فارِضٌ يَجْرِي عليها ... ومَحْضٌ حينَ يَنْبَعِثُ العِشارُ
  قال ابن الأَعرابي: ومنه قولك أَجْرَيْتُ عليه كذا أَي أَدَمْتُ له.
  والجِرَايةُ: الجارِي من الوظائف.
  وفي الحديث: أَن رسول الله، ﷺ، قال إذا ماتَ الإِنسانُ انْقَطَعَ عَمَلُه إلا من ثلاثٍ صَدَقةٍ جاريةٍ أَي دارَّة متصلة كالوُقُوفِ المُرْصَدَةِ لأَبواب البِرِّ.
  والإِجْرِيَّا والإِجْرِيَّاءُ: الوَجْه الذي تأَخذ فيه وتَجْرِي عليه؛ قال لبيد يصف الثور:
  ووَلَّى، كنَصْلِ السَّيْفِ، يَبْرُقُ مَتْنُه ... على كلِّ إجْرِيَّا يَشُقُّ الخَمائلا
  وقالوا: الكَرَمُ من إجْرِيَّاه ومن إجْرِيَّائه أَي من طَبيعته؛ عن اللحياني، وذلك لأَنه إذا كان الشيء من طبعه جَرَى إليه وجَرَنَ عليه.
  والإِجْرِيَّا، بالكسر: الجَرْيُ والعادة مما تأْخذ فيه؛ قال الكميت:
  ووَلَّى بإجْرِيَّا وِلافٍ كأَنه ... على الشَّرَفِ الأَقْصَى، يُساطُ ويُكْلَبُ
  وقال أَيضاً:
  على تِلْكَ إجْرِيَّايَ، وهي ضَريبَتي ... ولو أَجْلَبُوا طُرّاً عَلَيَّ وأَحْلَبُوا
  وقولهم: فعلتُ ذلك من جَرَاكَ ومن جَرَائِكَ أَي من أَجلك لغة في جَرَّاكَ؛ ومنه قول أَبي النجم:
  فاضَتْ دُمُوعُ العينِ من جَرَّاها
  ولا تقل مَجْراكَ.
  والجَرِيُّ: الوكيلُ: الواحد والجمع والمؤنث في ذلك سواء.
  ويقال: جَرِيُّ بَيِّنُ الجَرَايةِ والجِرايةِ.
  وجَرَّى جَرِيّاً: وكَّلَه.
  قال أَبو حاتم: وقد يقال للأُنثى جَرِيَّة، بالهاء، وهي قليلة؛ قال الجوهري: والجمع أَجْرِياءُ.
  والجَرِيُّ: الرسول، وقد أَجْراه في حاجته؛ قال ابن بري: شاهده قول الشماخ:
  تقَطَّعُ بيننا الحاجاتُ، إلَّا ... حَوائجَ يُحْتَمَلْنَ مع الجَريّ
  وفي حديث أُم إسماعيل، #: فأَرْسَلُوا جَرِيّاً أَي رسولاً.
  والجَرِيُّ: الخادِمُ أَيضاً؛ قال الشاعر:
  إذا المُعْشِياتُ مَنَعْنَ الصَّبُوحَ ... حَثَّ جَرِيُّكَ بالمُحْصَنِ
  قال: المُحْصَنُ: المُدَّخَرُ للجَدْب.
  والجَرِيُّ: الأَجير؛ عن كراع.
  ابن السكيت: إنِّي جَرَّيْتُ جَرِيّاً واسْتَجْرَيْتُ أَي وكلت وكيلاً.
  وفي الحديث: أَنتَ الجَفْنةُ الغَرّاء، فقال قُولوا بقَوْلكم ولا