لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الذال المعجمة]

صفحة 349 - الجزء 14

  الرَّويُّ الحرف الذي تُبْنى عليه القصيدة ويلزم في كل بيت منها في موضع واحد نحو قول الشاعر:

  إِذا قلَّ مالُ المَرْءِ قلَّ صديقُه ... وأَوْمَتْ إِليه بالعُيوبِ الأَصابعُ

  قال: فالعين حرف الرَّويّ وهو لازم في كل بيت؛ قال: المتأَمل لقوله هذا غير مقْنعٍ في حرف الرَّويّ، أَلا ترى أَن قول الأَعشى:

  رحَلَتْ سُمَيَّةُ غُدْوَةً أَجْمالَها ... غَضْبى عليكَ، فما تقولُ بدا لها

  تجد فيه أَربعة أَحرف لوازم غير مختلفة المواضع، وهي الأَلف قبل اللام ثم اللام والهاء والأَلف فيما بعد، قال: فليت شعري إِذا أَخذ المبتدي في معرفة الرَّويّ بقول الأَخفش هكذا مجرداً كيف يصح له؟ قال الأَخفش: وجميع حروف المعجم تكون رَوِيّاً إِلا الأَلف والياء والواو اللَّواتي يكُنَّ للإِطلاق.

  قال ابن جني: قوله اللواتي يكنَّ للإِطلاق فيه أَيضاً مسامحة في التحديد، وذلك أَنه إِنما يعلم أَن الأَلف والياء والواو للإِطلاق، إِذا عَلِمَ أَن ما قبلها هو الرويّ فقد استغنى بمعرفته إِياه عن تعريفه بشيء آخر.

  ولم يبقَ بعد معرفته ههنا غرضٌ مطلوب لأَن هذا موضع تحديده ليُعرف، فإِذا عُرف وعُلم أَن ما بعده إِنما هو للإِطلاق فما الذي يُلتَمس فيما بعد؟ قال: ولكن أَحْوَطُ ما يقال في حرف الرويّ أَن جميع حروف المعجم تكون رَويّاً إِلا الأَلف والياء والواو الزوائد في أَواخر الكلم في بعض الأَحوال غير مَبْنِيَّات في أَنْفُس الكلم بناء الأُصول نحو أَلف الجَرَعا من قوله:

  يا دارَ عَفْراء مِن مُحْتَلِّها الجَرعَا

  وياء الأَيَّامي من قوله:

  هَيْهاتَ منزِلُنا بنَعْفِ سُوَيْقةٍ ... كانتْ مباركةً من الأَيَّامِ

  وواو الخِيامُو من قوله:

  متى كان الخِيامُ بذي طُلُوحٍ ... سُقيتِ الغَيْثَ، أَيتها الخِيامُ

  وإِلَّا هاءي التأْنيث والإِضمار إِذا تحرك ما قبلهما نحو طَلْحَه وضرَبَه، وكذلك الهاء التي تُبَيَّنُ بها الحركة نحو ارْمِه واغْزُه وفِيمَه ولِمَه، وكذلك التنوين اللاحق آخر الكلم للصرف كان أَو لغير نحو زيداً وصَه وغاقٍ ويومئذٍ؛ وقوله:

  أَقِلِّي اللَّوْمَ، عاذِلَ، والعِتابَنْ

  وقول الآخر:

  دايَنْتُ أَرْوى والدُّيونُ تُقْضَيَنْ

  وقال الآخر:

  يا أَبَتا علَّك أَو عَساكَنْ

  وقول الآخر:

  يَحْسَبُه الجاهلُ ما لم يَعْلَمَنْ

  وقول الأَعشى:

  ولا تَعْبُدِ الشيطانَ والله فاعْبُدَنْ

  وكذلك الأَلفات التي تبدل من هذه النونات نحو:

  قد رابني حَفْصٌ فحَرِّكْ حَفْصا

  وكذلك قول الآخر:

  يَحْسَبُه الجاهلُ ما لم يَعْلَما

  وكذلك الهمزة التي يبدلها قوم من الأَلف في الوقف نحو رأَيت رَجُلأْ وهذه حُبْلأْ، ويريد أَن يضربَهأْ، وكذلك الأَلف والياء والواو التي تلحق الضمير نحو رأَيتها ومررت بهي وضربتهو وهذا غلامهو ومررت بهما