لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الغين المعجمة]

صفحة 151 - الجزء 15

  فاغْفِرْ فِداءً لك ما اقْتَفَيْنا

  قال: إِطلاق هذا اللفظ مع الله تعالى محمول على المجاز والاستعارة، لأَنه إِنما يُفْدَى من المَكارِه مَن تلحقه، فيكون المراد بالفداء التعظيم والإِكبار لأَن الإِنسان لا يُفَدِّي إِلا من يعظمه فَيَبْذُل نفسه له، ويروى فداءٌ، بالرفع على الابتداء، والنصب على المصدر؛ وقول الشاعر أَنشده ابن الأَعرابي:

  يَلْقَمُ لَقْماً ويُفَدِّي زادَه ... يَرْمِي بأَمْثال القَطا فُؤادَه

  قال: يبقي زاده ويأْكل من مال غيره؛ قال ومثله:

  جَدْح جُوَيْنٍ مِنْ سَوِيقٍ ليس لَه

  وقوله تعالى: فمن كان منكم مَريضاً أَو به أَذًى من رأْسه ففِدْية مِن صيام أَو صدَقة أَو نُسك؛ إِنما أَراد فمن كان منكم مريضاً أَو به أَذًى من رأْسه فحلَق فعليه فدية، فحذف الجملة من الفعل والفاعل والمفعول للدلالة عليه.

  وأَفْداه الأَسيرَ: قَبِلَ منه فِدْيَته؛ ومنه قوله، ، لقريش حين أُسِرَ عثمان بن عبد الله، الحَكَم بن كَيْسان: لا نُفْدِيكموهما حتى يَقْدَمَ صاحبانا، يعني سعْد بن أَبي وقَّاص وعُتْبةَ بن غَزْوان.

  والفَداء، ممدود بالفتح: الأَنبار، وهو جماعة الطعام من الشعير والتمر والبُر ونحوه.

  والفَداء: الكُدْس من البُر، وقيل: هو مَسْطَحُ التمر بلغة عبد القيس؛ وأَنشد يصف قرية بقلَّة الميرة:

  كأَنَّ فَداءها، إِذ جَرَّدُوه ... وطافُوا حَوْلَه، سُلَكٌ يَتِيمُ⁣(⁣١)

  شبه طعام هذه القرية حين جُمع بعد الحَصاد بسُلَك قد ماتت أُمه فهو يتيم، يريد أَنه قليل حقير، ويروى سُلَفٌ يتيم، والسُّلَفُ: ولد الحَجل، وقال ابن خالويه في جمعه الأَفْداء، وقال في تفسيره: التمر المجموع.

  قال شمر: الفَداء والجُوخانُ واحد، وهو موضع التمر الذي يُيَبَّس فيه، قال: وقال بعض بني مُجاشِع الفَداء التمر ما لم يُكْنَز؛ وأَنشد:

  مَنَحْتَني، مِنْ أَخْبَثِ الفَداءِ ... عُجْرَ النَّوَى قَليلَةَ اللِّحاءِ

  ابن الأَعرابي: أَفْدَى الرجلُ إِذا باعَ، وأَفْدَى إِذا عظُم بدنُه.

  وفَداء كل شيء حَجْمه، وأَلفه ياء لوجود ف د ي وعدم ف د و.

  الأَزهري: قال أَبو زيد في كتاب الهاء والفاء إِذا تعاقبا: يقال للرجل إِذا حدَّث بحديث فعدَل عنه قبل أَن يَفْرُغ إِلى غيره خُذ على هِدْيَتِك وفِدْيَتِك أَي خُذ فيما كنت فيه ولا تَعْدِل عنه؛ هكذا رواه أَبو بكر عن شمر وقيده في كتابه بالقاف، وقِدْيَتُك، بالقاف، هو الصواب.

  فرا: الفَرْو والفَرْوَة: معروف الذي يُلبس، والجمع فِراء، فإِذا كان الفرو⁣(⁣٢) ذا الجُبَّة فاسمها الفَرْوة؛ قال الكميت:

  إِذا التَفّ دُونَ الفَتاةِ الكَمِيع ... ووَحْوَح ذو الفَرْوَةِ الأَرْمَلُ

  وأَورد بعضهم هذا البيت مستشهداً به على الفروة الوَفْضَة التي يجعل فيها السائل صدقته.

  قال أَبو منصور: والفَرْوة إِذا لم يكن عليها وَبَر أَو صوف لم تُسَمَّ فَروة.

  وافْتَرَيْت فَرْواً: لَبِسته؛ قال العجاج:

  يَقْلِبُ أُولاهُنَّ لَطْم الأَعْسرِ ... قَلْبَ الخُراسانيِّ فَرْوَ المُفْترِي


(١) قوله [فداءها] هو بالفتح، وأَما ضبطه في حرد بالكسر فخطأ.

(٢) قوله [فإذا كان الفرو الخ] كذا بالأصل.