[فصل اللام]
  فجعلها في صُرة ثم قال للغلام: اذهب بها إِلى أَبي عبيدة ابن الجرّاح، ثم تَلَه ساعة في البيت، ثم انْظُرْ ماذا يَصْنَعُ، قال: ففرَّقها؛ تَلَه ساعة أَي تَشاغَلْ وتَعَلَّلْ والتَّلَهِّي بالشيء: التَّعَلُّلُ به والتَّمكُّثُ.
  يقال: تَلَهَّيْت بكذا أَي تَعَلَّلْتُ به وأَقَمْتُ عليه ولم أُفارقُه؛ وفي قصيد كعب:
  وقال كلُّ صَديق كنت آمُلُه: ... ولا أُلْهِيَنّكَ، إِني عنكَ مَشْغُول
  أَي لا أَشغَلُك عن أَمرك فإِني مَشْغُول عنك، وقيل: معناه لا أَنفعك ولا أُعَلِّلُك فاعمل لنفسك.
  وتقول: الْه عن الشيء أَي اتركه.
  وفي الحديث في البَلَل بعد الوُضوء: الْه عنه، وفي خبر ابن الزبير: أَنه كان إِذا سمع صوت الرعد لَهِيَ عن حديثه أَي تَركه وأَعْرَضَ عنه.
  وكلُّ شيء تَركْتَه فقد لَهِيتَ عنه؛ وأَنشد الكسائي:
  إِلْه عنها فقد أَصابَك مِنْها
  والْه عنه ومنه بمعنى واحد.
  الأَصمعي: لَهِيتُ من فلان وعنه فأَنا أَلْهَى.
  الكسائي: لَهِيتُ عنه لا غير، قال: وكلام العرب لَهَوْتُ عنه ولَهَوْتُ منه، وهو أَن تدعه وتَرْفُضَه.
  وفُلانٌ لَهُوٌّ عن الخير، على فَعُولٍ.
  الأَزهري: اللَّهْو الصُّدُوفُ.
  يقال: لَهَوْتُ عن الشيء أَلهُو لَهاً، قال: وقول العامة تَلَهَّيْتُ، وتقول: أَلهاني فلان عن كذا أَي شَغَلني وأَنساني؛ قال الأَزهري: وكلام العرب جاء بخلاف ما قال الليث، يقولون لَهَوْتُ بالمرأَة وبالشيء أَلْهُو لَهْواً لا غير، قال: ولا يجوز لَهاً.
  ويقولون: لَهِيتُ عن الشيء أَلْهى لُهِيّاً.
  ابن بزرج: لهَوْتُ(١) ولَهِيتُ بالشيء أَلْهو لَهْواً إِذا لعبت به؛ وأَنشد:
  خَلَعْتُ عِذارَها ولَهِيتُ عنها ... كما خُلِعَ العِذارُ عن الجَوادِ
  وفي الحديث: إِذا اسْتأْثَر الله بشيء فالْه عنه أَي اتْرُكْه وأَعْرِضْ عنه ولا تَتعرَّضْ له.
  وفي حديث سهل بن سعد: فَلَهِيَ رسولُ الله، ﷺ، بشيءٍ كان بين يديه أَي اشتغل.
  ثعلب عن ابن الأَعرابي: لَهِيتُ به وعنه كَرهته، ولهوت به أَحببته؛ وأَنشد:
  صَرَمَتْ حِبالَكَ، فالْه عنها، زَيْنَبُ ... ولقَدْ أَطَلْتَ عِتابَها، لو تُعْتِبُ
  لو تُعْتِبُ: لو تُرْضِيك؛ وقال العجاج:
  دارَ لُهَيَّا قَلْبِكَ المُتَيَّمِ
  يعني لَهْو قلبه، وتَلَهَّيْتُ به مثله.
  ولُهَيَّا: تصغير لَهْوى، فَعْلى من اللهو:
  أَزَمان لَيْلى عامَ لَيْلى وحَمِي
  أَي هَمِّي وسَدَمي وشَهْوَتي؛ وقال:
  صَدَقَتْ لُهَيَّا قَلْبيَ المُسْتَهْتَرِ
  قال العجاج:
  دارٌ لِلَهْوٍ للمُلَهِّي مِكْسالْ
  جعل الجارية لَهْواً للمُلَهِّي لرجل يُعَلِّلُ بها أي لمن يُلَهِّي بها.
  الأَزهري بإِسناده عن أَنس بن مالك عن النبي، ﷺ، قال: سأَلت ربي أَن لا يُعَذِّبَ اللاهينَ من ذُرِّيَّة البشر فأَعْطانِيهم؛ قيل في تفسير اللاهينَ: إِنهم الأَطفال الذين لم يَقْتَرفُوا ذنباً، وقيل: هم البُلْه الغافِلُون، وقيل: اللاهُون الذين لم يَتَعَمَّدوا الذنب إِنما أتوه غَفْلة ونِسياناً وخَطأً، وهم الذين
(١) قوله [ابن بزرج لهوت الخ] هذه عبارة الأَزهري وليس فيها أَلهو لهواً.