لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل اللام]

صفحة 260 - الجزء 15

  فجعلها في صُرة ثم قال للغلام: اذهب بها إِلى أَبي عبيدة ابن الجرّاح، ثم تَلَه ساعة في البيت، ثم انْظُرْ ماذا يَصْنَعُ، قال: ففرَّقها؛ تَلَه ساعة أَي تَشاغَلْ وتَعَلَّلْ والتَّلَهِّي بالشيء: التَّعَلُّلُ به والتَّمكُّثُ.

  يقال: تَلَهَّيْت بكذا أَي تَعَلَّلْتُ به وأَقَمْتُ عليه ولم أُفارقُه؛ وفي قصيد كعب:

  وقال كلُّ صَديق كنت آمُلُه: ... ولا أُلْهِيَنّكَ، إِني عنكَ مَشْغُول

  أَي لا أَشغَلُك عن أَمرك فإِني مَشْغُول عنك، وقيل: معناه لا أَنفعك ولا أُعَلِّلُك فاعمل لنفسك.

  وتقول: الْه عن الشيء أَي اتركه.

  وفي الحديث في البَلَل بعد الوُضوء: الْه عنه، وفي خبر ابن الزبير: أَنه كان إِذا سمع صوت الرعد لَهِيَ عن حديثه أَي تَركه وأَعْرَضَ عنه.

  وكلُّ شيء تَركْتَه فقد لَهِيتَ عنه؛ وأَنشد الكسائي:

  إِلْه عنها فقد أَصابَك مِنْها

  والْه عنه ومنه بمعنى واحد.

  الأَصمعي: لَهِيتُ من فلان وعنه فأَنا أَلْهَى.

  الكسائي: لَهِيتُ عنه لا غير، قال: وكلام العرب لَهَوْتُ عنه ولَهَوْتُ منه، وهو أَن تدعه وتَرْفُضَه.

  وفُلانٌ لَهُوٌّ عن الخير، على فَعُولٍ.

  الأَزهري: اللَّهْو الصُّدُوفُ.

  يقال: لَهَوْتُ عن الشيء أَلهُو لَهاً، قال: وقول العامة تَلَهَّيْتُ، وتقول: أَلهاني فلان عن كذا أَي شَغَلني وأَنساني؛ قال الأَزهري: وكلام العرب جاء بخلاف ما قال الليث، يقولون لَهَوْتُ بالمرأَة وبالشيء أَلْهُو لَهْواً لا غير، قال: ولا يجوز لَهاً.

  ويقولون: لَهِيتُ عن الشيء أَلْهى لُهِيّاً.

  ابن بزرج: لهَوْتُ⁣(⁣١) ولَهِيتُ بالشيء أَلْهو لَهْواً إِذا لعبت به؛ وأَنشد:

  خَلَعْتُ عِذارَها ولَهِيتُ عنها ... كما خُلِعَ العِذارُ عن الجَوادِ

  وفي الحديث: إِذا اسْتأْثَر الله بشيء فالْه عنه أَي اتْرُكْه وأَعْرِضْ عنه ولا تَتعرَّضْ له.

  وفي حديث سهل بن سعد: فَلَهِيَ رسولُ الله، ، بشيءٍ كان بين يديه أَي اشتغل.

  ثعلب عن ابن الأَعرابي: لَهِيتُ به وعنه كَرهته، ولهوت به أَحببته؛ وأَنشد:

  صَرَمَتْ حِبالَكَ، فالْه عنها، زَيْنَبُ ... ولقَدْ أَطَلْتَ عِتابَها، لو تُعْتِبُ

  لو تُعْتِبُ: لو تُرْضِيك؛ وقال العجاج:

  دارَ لُهَيَّا قَلْبِكَ المُتَيَّمِ

  يعني لَهْو قلبه، وتَلَهَّيْتُ به مثله.

  ولُهَيَّا: تصغير لَهْوى، فَعْلى من اللهو:

  أَزَمان لَيْلى عامَ لَيْلى وحَمِي

  أَي هَمِّي وسَدَمي وشَهْوَتي؛ وقال:

  صَدَقَتْ لُهَيَّا قَلْبيَ المُسْتَهْتَرِ

  قال العجاج:

  دارٌ لِلَهْوٍ للمُلَهِّي مِكْسالْ

  جعل الجارية لَهْواً للمُلَهِّي لرجل يُعَلِّلُ بها أي لمن يُلَهِّي بها.

  الأَزهري بإِسناده عن أَنس بن مالك عن النبي، ، قال: سأَلت ربي أَن لا يُعَذِّبَ اللاهينَ من ذُرِّيَّة البشر فأَعْطانِيهم؛ قيل في تفسير اللاهينَ: إِنهم الأَطفال الذين لم يَقْتَرفُوا ذنباً، وقيل: هم البُلْه الغافِلُون، وقيل: اللاهُون الذين لم يَتَعَمَّدوا الذنب إِنما أتوه غَفْلة ونِسياناً وخَطأً، وهم الذين


(١) قوله [ابن بزرج لهوت الخ] هذه عبارة الأَزهري وليس فيها أَلهو لهواً.