[فصل الميم]
  القَدَرُ، والمَنُونُ الزَّمانُ؛ قال ابن بري: المَنيَّة قدَرُ الموت، أَلا ترى إِلى قول أَبي ذؤيب:
  مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ لأَهْلِها ... جِهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجُبْلِ
  فجعل المنايا تُقرِّب الموت ولم يجعلها الموت.
  وامْتَنَيْت الشيء: اخْتَلقْته.
  ومُنِيتُ بكذا وكذا: ابْتُلِيت به.
  ومَناه الله بحُبها يَمنِيه ويَمْنُوه أَي ابْتلاه بحُبِّها مَنْياً ومَنْواً.
  ويقال: مُنِيَ ببَلِيَّة أَي ابْتُلي بها كأَنما قُدِّرت له وقُدِّر لها.
  الجوهري: منَوْتُه ومَنَيْته إِذا ابتليته، ومُنِينا له وُفِّقْنا.
  ودارِي مَنى دارِك أَي إِزاءَها وقُبالَتها.
  وداري بمَنى دارِه أَي بحذائها؛ قال ابن بري: وأَنشد ابن خالويه:
  تَنَصَّيْتُ القِلاصَ إِلى حَكِيمٍ ... خَوارِجَ من تَبالَةَ أَو مَناها
  فما رَجَعَتْ بخائبةٍ رِكابٌ ... حَكِيمُ بنُ المُسَيَّبِ مُنتَهاها
  وفي الحديث: البيتُ المَعْمُور مَنى مكة أَي بِحذائها في السماء.
  وفي حديث مجاهد: إِن الحرم حَرَمٌ مَناه مِن السمواتِ السبع والأَرَضِين السبع أَي حِذاءه وقَصْدَه.
  والمَنى: القَصْدُ؛ وقول الأَخطل:
  أَمْسَتْ مَناها بأَرْضٍ ما يُبَلِّغُها ... بصاحِبِ الهَمِّ، إِلَّا الجَسْرةُ الأُجُدُ
  قيل: أَراد قَصْدَها وأَنَّث على قولك ذهَبت بعضُ أَصابعه، وإِن شئت أَضمرت في أَمَسَتْ كما أَنشده سيبويه:
  إِذا ما المَرْءُ كان أَبُوه عَبْسٌ ... فحَسْبُكَ ما تُريدُ إِلى الكَلامِ
  وقد قيل: إِنَّ الأَخطل أَرادَ مَنازِلها فحذف، وهو مذكور في موضعه؛ التهذيب: وأَما قول لبيد:
  دَرَسَ المَنا بمُتالِعٍ فأَبانِ
  قيل: إِنه أَراد بالمَنا المَنازِل فرخمها كما قال العجاج:
  قَواطِناً مكةَ منْ وُرْقِ الحَما
  أَراد الحَمام.
  قال الجوهري: قوله دَرَس المنا أَراد المنازل، ولكنه حذف الكلمة اكْتِفاء بالصَّدْر، وهو ضرورة قبيحة.
  والمَنِيُّ، مشَدّد: ماء الرجل، والمَذْي والوَدْي مخففان؛ وأَنشد ابن بري للأَخطل يهجو جريراً:
  مَنِيُّ العَبْدِ، عَبْدِ أَبي سُواجٍ ... أَحَقُّ مِنَ المُدامةِ أَنْ تَعيبا
  قال: وقد جاء أَيضاً مخففاً في الشعر؛ قال رُشَيْدُ ابن رُمَيْضٍ:
  أَتَحْلِفُ لا تَذُوقُ لَنا طَعاماً ... وتَشْرَبُ مَنْيَ عَبْدِ أَبي سُواجِ؟
  وجمعه مُنْيٌ؛ حكاه ابن جِني؛ وأَنشد:
  أَسْلَمْتُموها فباتَتْ غيرَ طاهِرةٍ ... مُنّيُ الرِّجالِ على الفَخذَيْنِ كالمُومِ
  وقد مَنَيْتُ مَنْياً وأَمْنَيْتُ.
  وفي التنزيل العزيز: مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى؛ وقرئ بالتاء على النطفة وبالياء على المَنيِّ، يقال: مَنَى الرَّجلُ وأَمْنى من المَنِيِّ بمعنًى، واسْتَمْنَى أَي اسْتَدْعَى خروج المنيّ.
  ومَنَى الله الشيء: قَدَّرَه، وبه سميت مِنًى، ومِنًى بمكة، يصرف ولا يصرف، سميت بذلك لما يُمْنَى فيها من الدماء أَي يُراق، وقال ثعلب: هو مِن قولهم مَنَى الله عليه الموت أَي قدَّره لأَن الهَدْيَ يُنحر هنالك.
  وامْتَنَى القوم وأَمْنَوْا أَتوا مِنى؛ قال ابن شميل: سمي مِنًى لأَن الكبش مُنِيَ به أَي