لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الميم]

صفحة 293 - الجزء 15

  القَدَرُ، والمَنُونُ الزَّمانُ؛ قال ابن بري: المَنيَّة قدَرُ الموت، أَلا ترى إِلى قول أَبي ذؤيب:

  مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ لأَهْلِها ... جِهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجُبْلِ

  فجعل المنايا تُقرِّب الموت ولم يجعلها الموت.

  وامْتَنَيْت الشيء: اخْتَلقْته.

  ومُنِيتُ بكذا وكذا: ابْتُلِيت به.

  ومَناه الله بحُبها يَمنِيه ويَمْنُوه أَي ابْتلاه بحُبِّها مَنْياً ومَنْواً.

  ويقال: مُنِيَ ببَلِيَّة أَي ابْتُلي بها كأَنما قُدِّرت له وقُدِّر لها.

  الجوهري: منَوْتُه ومَنَيْته إِذا ابتليته، ومُنِينا له وُفِّقْنا.

  ودارِي مَنى دارِك أَي إِزاءَها وقُبالَتها.

  وداري بمَنى دارِه أَي بحذائها؛ قال ابن بري: وأَنشد ابن خالويه:

  تَنَصَّيْتُ القِلاصَ إِلى حَكِيمٍ ... خَوارِجَ من تَبالَةَ أَو مَناها

  فما رَجَعَتْ بخائبةٍ رِكابٌ ... حَكِيمُ بنُ المُسَيَّبِ مُنتَهاها

  وفي الحديث: البيتُ المَعْمُور مَنى مكة أَي بِحذائها في السماء.

  وفي حديث مجاهد: إِن الحرم حَرَمٌ مَناه مِن السمواتِ السبع والأَرَضِين السبع أَي حِذاءه وقَصْدَه.

  والمَنى: القَصْدُ؛ وقول الأَخطل:

  أَمْسَتْ مَناها بأَرْضٍ ما يُبَلِّغُها ... بصاحِبِ الهَمِّ، إِلَّا الجَسْرةُ الأُجُدُ

  قيل: أَراد قَصْدَها وأَنَّث على قولك ذهَبت بعضُ أَصابعه، وإِن شئت أَضمرت في أَمَسَتْ كما أَنشده سيبويه:

  إِذا ما المَرْءُ كان أَبُوه عَبْسٌ ... فحَسْبُكَ ما تُريدُ إِلى الكَلامِ

  وقد قيل: إِنَّ الأَخطل أَرادَ مَنازِلها فحذف، وهو مذكور في موضعه؛ التهذيب: وأَما قول لبيد:

  دَرَسَ المَنا بمُتالِعٍ فأَبانِ

  قيل: إِنه أَراد بالمَنا المَنازِل فرخمها كما قال العجاج:

  قَواطِناً مكةَ منْ وُرْقِ الحَما

  أَراد الحَمام.

  قال الجوهري: قوله دَرَس المنا أَراد المنازل، ولكنه حذف الكلمة اكْتِفاء بالصَّدْر، وهو ضرورة قبيحة.

  والمَنِيُّ، مشَدّد: ماء الرجل، والمَذْي والوَدْي مخففان؛ وأَنشد ابن بري للأَخطل يهجو جريراً:

  مَنِيُّ العَبْدِ، عَبْدِ أَبي سُواجٍ ... أَحَقُّ مِنَ المُدامةِ أَنْ تَعيبا

  قال: وقد جاء أَيضاً مخففاً في الشعر؛ قال رُشَيْدُ ابن رُمَيْضٍ:

  أَتَحْلِفُ لا تَذُوقُ لَنا طَعاماً ... وتَشْرَبُ مَنْيَ عَبْدِ أَبي سُواجِ؟

  وجمعه مُنْيٌ؛ حكاه ابن جِني؛ وأَنشد:

  أَسْلَمْتُموها فباتَتْ غيرَ طاهِرةٍ ... مُنّيُ الرِّجالِ على الفَخذَيْنِ كالمُومِ

  وقد مَنَيْتُ مَنْياً وأَمْنَيْتُ.

  وفي التنزيل العزيز: مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى؛ وقرئ بالتاء على النطفة وبالياء على المَنيِّ، يقال: مَنَى الرَّجلُ وأَمْنى من المَنِيِّ بمعنًى، واسْتَمْنَى أَي اسْتَدْعَى خروج المنيّ.

  ومَنَى الله الشيء: قَدَّرَه، وبه سميت مِنًى، ومِنًى بمكة، يصرف ولا يصرف، سميت بذلك لما يُمْنَى فيها من الدماء أَي يُراق، وقال ثعلب: هو مِن قولهم مَنَى الله عليه الموت أَي قدَّره لأَن الهَدْيَ يُنحر هنالك.

  وامْتَنَى القوم وأَمْنَوْا أَتوا مِنى؛ قال ابن شميل: سمي مِنًى لأَن الكبش مُنِيَ به أَي