[فصل الهاء]
  إِهْباء، وهي الأَهابيّ؛ قال أَوْس بن حَجَر:
  أَهابِيَّ سَفْساف منَ التُّرْب تَوْأَم
  وهَبا الرَّمادُ يَهْبُو: اخْتلَطَ بالتراب وهَمَد.
  الأَصمعي: إِذا سَكَن لَهَبُ النارِ ولم يَطْفَأْ جَمْرُها قيل خَمَدت، فإِن طَفِئَت البتة قيل هَمَدَت، فإِذا صارت رَماداً قيل هَبا يَهْبُو وهو هابٍ، غير مهموز.
  قال الأَزهري: فقد صح هَبا الترابُ والرَّمادُ معاً.
  ابن الأَعرابي: هَبا إِذا فَرَّ، وهَبا إِذا مات أَيضاً، وتَها إِذا غَفَل، وزها إِذا تكبَّر، وهزا إِذا قَتَل، وهزا إِذا سار، وثَها إِذا حَمُقَ.
  والهَباء: الشيء المُنْبَثُّ الذي تراه في البيت من ضَوْء الشمس شَبيهاً بالغُبار.
  وقوله ø: فجعلناه هَباءً منْثُوراً؛ تأْويله أَنَّ الله أَحْبطَ أَعمالهم حتى صارت بمنزلة الهَباء المنثور.
  التهذيب: أَبو إسحق في قوله هَباء مُنْبَثّاً، فمعناه أَن الجبال صارت غُباراً، ومثله: وسُيِّرَتِ الجِبالُ فكانت سَراباً؛ وقيل: الهَباء المُنْبثُّ ما تُثِيره الخَيل بحَوافِرها من دُقاق الغُبار، وقيل لما يظهر في الكُوَى من ضوء الشمس هَباء.
  وفي الحديث: أَن سُهَيْلَ بن عَمرو جاء يَتَهبَّى كأَنه جمل آدم.
  ويقال جاء فلان يَتَهَبَّى إِذا جاء فارغاً يَنْفُض يديه؛ قال ذلك الأَصمعي، كما يقال جاء يضرب أَصْدَرَيْه إِذا جاء فارغاً.
  وقال ابن الأَثير: التَّهَبِّي مَشْي المُخْتال المعجب من هَبا يَهْبُو هُبُوًّا إِذا مشى مشياً بَطِيئاً.
  وموضعٌ هابي التراب: كأَنَّ ترابه مثل الهَباء في الرّقة.
  والهابي من التراب: ما ارْتفَعَ ودَقَّ؛ ومنه قول هَوْبرٍ الحارِثي:
  تَزَوَّدَ مِنَّا بَيْنَ أُذْنَيْه ضَرْبةً ... دَعَتْه إِلى هابي التُّرابِ عقِيمُ
  وتُرابٌ هابٍ؛ وقال أَبو مالك بن الرّيب:
  تَرَى جَدَثاً قد جَرَّتِ الرِّيحُ فَوْقَه ... تُراباً، كلَوْنِ القَسْطلانِيِّ، هابِيا(١)
  والهابي: تُراب القبر؛ وأَنشد الأَصمعي:
  وهابٍ، كجُثْمانِ الحَمامةِ، أَجْفَلَتْ ... به رِيحُ تَرْجٍ والصَّبا كلّ مُجْفَلِ(٢)
  وقوله:
  يكونُ بها دَليلَ القَومِ نَجْمٌ ... كعَينِ الكلْبِ في هُبًّى قِباعِ
  قال ابن قتيبة في تفسيره: شبه النجم بعين الكلب لكثرة نعاس الكلب لأَنه يفتح عينيه تارة ثم يُغْضِي فكذلك النجم يظهر ساعة ثم يَخْفَى بالهَباء، وهُبًّى: نُجُوم قد استترت بالهباء، واحدها هابٍ، وقِباعٌ: قابِعةٌ في الهباء أَي داخلة فيه؛ وفي التهذيب: وصف النجم الهابي الذي في الهباء فشبهه بعين الكلب نهاراً، وذلك أَنَّ الكلب بالليل حارس وبالنهار ناعس، وعين الناعس مُغْمِضة، ويبدو من عينيه الخَفِيُّ، فكذلك النجم الذي يهتدى به هو هابٍ كعين الكلب في خَفائه، وقال في هُبًّى: وهو جمع هابٍ مثل غُزًّى جمع غازٍ، والمعنى أَنَّ دليل القوم نجم هابٍ في هُبًّى يَخفى فيه إِلا قليلاً نه، يَعرف به الناظر إِليه أَيَّ نجم هو وفي أَيِّ ناحية هو فيهتدي به، وهو في نجوم هُبًّى أَي هابِيةٍ إِلا أَنها قِباعٌ كالقَنافِذ إِذا قَبَعَت فلا يُهْتَدَى بهذه القِباع، إِنما يُهتدى بهذا النجم الواحد الذي هو هابٍ غير قابِعٍ في نجوم هابِيةٍ قابعة، وجمع القابعَ على قِباعٍ كما جمعوا صاحباً على صِحابٍ وبعيراً قامِحاً على قِماحٍ.
  النهاية في حديث الحسن: ثم اتَّبَعه من الناس هَباءٌ رَعاعٌ؛ قال:
(١) هذا البيت لمالك بن الريب لا لأَبيه وهو من قصيدته الشهيرة التي يرثي بها نفسه.
(٢) قوله [مجفل] هو بضم الميم، وضبط في ترج بفتحها وهو خطأ.